قوله: ﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَوْتَ ﴾ إلخ، روي أن سليمان كان يتجرد للعبادة في بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، فيدخل فيه ومعه طعامه وشرابه، فلما أعمله الله بوقت موته قال: اللهم أخف على الجن موتي، حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، وكانت الجن تخبر الإنس أنهم يعلمون في الغيب أشياء، وأنهم يعلمون ما في غد، ثم لبس كفنه وتحنط ودخل المحراب وقام يصلي، واتكأ على عصاه على كرسيه فمات، فكان الجن ينظرون إليه ويحسبون أنه حي، ولا ينكرون احتباسه على الخروج إلى الناس، لتكرره منه قبل ذلك، فالحكمة في إخفاء موته، ظهور أن الجن لا يعلمون الغيب، لا تتميم بناء بيت المقدس كما قيل، فإن الصحيح أنه تم قبل موته بالزمن الطويل. قوله: (حتى أكلت الأرضة عصاه) فلما أكلتها أحبها الجن وشكروا لها، فهم يأتونها بالماء والطين في خروق الخشب وقالوا: لو كنت تأكلين الطعام والشراب لأتيناك بهما. قوله: (مصدر أرضت الخشبة) أي أكلت، فمعنى دابة الأرض دابة الأكل، وهذا أحد وجهين، والوجه الآخر أن المراد بالأرض المعروفة، ونسبت لها لخروجها منها. قوله: (بالهمز) أي الساكن أو المفتوح، فتكون القراءات ثلاثاً سبعيات. قوله: (الشاق لهم) اللام بمعنى على، وفي نسخة له أي لسليمان. قوله: (لظنهم حياته) علة لقوله: ﴿ مَا لَبِثُواْ ﴾.
قوله: (وعلم كونه) إلخ، إما بالبناء للمفعول، أو مصدر مبتدأ خبره قوله: (بحساب) إلخ، فتحصل أن الجن أرادوا أن يعرفوا وقت موته، فوضعوا الأرضة على العصا، فأكلت في يوم وليلة مقداراً؛ فحسبوا على ذلك، فوجدوه قد مات منذ سنة.


الصفحة التالية
Icon