قوله: ﴿ وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ ﴾ إلخ، هذا نتيجة ما قبله، وقوله: ﴿ لاَ يُؤمِنُونَ ﴾ بيان للاستواء، والمعنى إنذارك وعدمه سواء في عدم إيمانهم، وهو تسلية له صلى الله عليه وسلم، وكشف لحقيقة أمرهم وعاقبتها. قوله: (بتحقيق الهمزتين) أي مع إدخال ألف بينهما وتركه، فالقراءات خمس لا أربع كما توهمه عبارته، فالتحقيق فيه قراءتان، والتسهيل كذلك، والإبدال فيه قراءة واحدة وهي سبعيات. قوله: (ينفع إنذارك) جواب عما يقال: إن ظاهر الآية يقتضي إن رسالته صلى الله عليه وسلم غير عامة، بل هي لقوم مخصومين، وهم ﴿ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ ﴾ ويخالف قوله سابقاً﴿ لِتُنذِرَ قَوْماً ﴾[يس: ٦]، إلخ فأجاب المفسر عن ذلك، بأن محط الحصر الإنذار النافع، فلا ينافي وجوده غيره لمن لم ينتفع به. قوله: ﴿ بِٱلْغَيْبِ ﴾ يصح أن يكون حالاً من الفاعل أو المفعول، وتقدم نظيره. قوله: ﴿ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ ﴾ إلخ، تفريع على ما قبله، إشارة لبيان عاقبة أمرهم. قوله: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ ﴾ أي نبعثهم في الآخرة للمجازاة على أعمالهم. قوله: ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ ﴾.
إن قلت: إن الكتابة متقدمة قبل الإحياء، إذ هي في الدنيا والإحياء يكون في الآخرة. أجيب بأنه قدم الإحياء اعتناء بشأنه، إذ لولاه لما ظهرت ثمرة الكتابة. قوله: (في اللوح المحفوظ) المناسب أن يقول في صحف الملائكة، لأن الكتابة التي تكون في حياة العباد، إنما هي في صحف الملائكة، وأما اللوح، فقد كتب فيه ذلك قبل وجود الخلق. قوله: (ما استن به بعدهم) أي من خير: كعلم علموه، أو كتاب صنفوه، أو نخل غرسوه، أو وقف حبسوه، أو غير ذلك، أو شر: كمكس رتبوه، أو ضلالة أحدثوها، أو غير ذلك، لما في الحديث:" من سن سنة حسنة فعمل بها من بعده، كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من وزرهم شيء "قوله: (نصبه بفعل يفسره) إلخ، أي فهو من باب الاشتغال.