قوله: ﴿ وَآيَةٌ لَّهُمُ ﴾ أي علامة ظاهرة ودالة على الإحياء بعد الموت. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (مبتدأ) أخره بعد قوله: ﴿ أَحْيَيْنَاهَا ﴾ اشارة إلى أنه صفة للأرض، والصفة مع الموصوف كالشيء الواحد. قوله: ﴿ وَجَعَلْنَا ﴾ عطف على ﴿ أَحْيَيْنَاهَا ﴾ قوله: ﴿ مِّن نَّخِيل ﴾ هو النخل بمعنى واحد، لكل النخل اسم جمع واحدة نخلة يؤنث عند أهل الحجاز، ويذكر عن تميم ونجد، والنخيل مؤنث بلا خلاف، وإذا علمت ذلك، فقول المفسر فيما يأتي (من النخيل وغيره) ليس بجيد، بل المناسب وغيرها. قوله: ﴿ وَفَجَّرْنَا ﴾ بالتشديد في قراءة العامة، وقرئ شذوذاً بالتخفيف. قوله: (أي بعضها) أشار بذلك إلى أن ﴿ مِنَ ﴾ تبعيضية، ويصح أن تكون زائدة. قوله: (بفتحتين وبضمتين) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (أي ثمر المذكور) دفع بذلك ما يقال: إن الضمير عائد على شيئين فحقه التثنية، فأجاب: بأنه أفرد باعتبار ما ذكر. قوله: (أي لم تعمل الثمر) أشار بذلك إلى أنه ﴿ مَا ﴾ نافية، والمعنى: أنه ليس لهم إيجاد شيء، بل الفاعل والمثبت هو الله تعالى، كما قال في الآية الأخرى:﴿ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا ﴾[النمل: ٦٠] ويصح أن تكون موصولة، أي ومن الذي عملته أيديهم، أو نكرة موصوفة، أو مصدرية، أي ومن عمل أيديهم، وإثبات العمل للأيدي من حيث الكسب. قوله: ﴿ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ ﴾ الهمزة داخلة على محذوف، والتقدير: أيتنعمون بهذه النعم فلا يشكرونها؟ أي بحيث لا يصرفونها في مصارفها. قوله: (أنعمه) جمع نعمة بالكسر، ونعماء بالمد والفتح. قوله: ﴿ سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ ﴾ أي ننزه في ذاته وصفاته وأفعاله عما لا يليق به. قوله: (الأصناف) ﴿ كُلَّهَا ﴾ أي فكل زوج صنف، لأنه مختلف في الألوان والطعوم والأشكال، والصغر والكبر، فاختلافها هو ازدواجها. قوله: ﴿ مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ ﴾ بيان للأزواج، وكذا ما بعده، فتحصل أن هذه الأمور الثلاثة، لا يخرج عنها شيء من أصناف المخلوقات. قوله: (الغريبة) أي كالتي في السماوات والتي تحت الأرضين، وكل ما لم يكن مشاهداً لنا عادة. قوله: ﴿ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ ﴾ ذكر الله تعالى في هذه الآية، ما يتضمن علم الميقات الذي توجب معرفته، وقد ذكر أستاذنا الشيخ الدردير رضي الله عنه، مقدمة لطيفة في هذا الشأن، كافية من اقتصر عليها فيما فرض الله تعالى. وحاصلها بحروفها: فائدة: أسماء الشهور القبطية: توت، بابه، هاتور، كيهك، طوبه، أمشير، برمهات، برموده، بشنس، بؤنه، أبيب، مسرى. أسماء البروج: ميزان؛ عقرب، قوس، جدي، دلو، حوت، حمل، ثور، جوزاء، شرطان، أسد، سنبلة. ولا يدخل توت، الذي هو أول السنة القبطية، إلا بعد خمسة أيام أو ستة، بعد مسرى، وتسمى أيام النسيء. وفصول السنة أربعة: فصل الخريف، وفصل الشتاء، وفصل الربيع، وفصل الصيف. وأول فصل الخريف: انتقال الشمس إلى برج الميزان، وذلك في نصف توت، وفي تلك الليلة يستوي الليل والنهار، ثم كل ليلة يزيد الليل نصف درجة، ثلاثين ليلة بخمس عشرة درجة، إلى نصف بابه، تنتقل الشمس إلى برج العقرب، فنزيد الليل كل ليلة ثلث درجة إلى نصف هاتور، تنتقل الشمس إلى برج القوس، فيزيد الليل كل ليلة سدس درجة بخمس درج، فقد تمت زيادة الليل ثلاثين درجة بعد الاعتدال بساعتين، فيصير الليل من غروب الشمس إلى طلوعها، أربع عشر ساعة، فيصلى الفجر على اثنتي عشرة ساعة وست درج، ومن طلوعه إلى الشمس أربع وعشرون درجة، وذلك في آخر يوم من فصل الخريف، منتصف كيهك، ثم تنتقل الشمس إلى برج الجدي، وهو أول فصل الشتاء، فيأخذ اللي في النقص، والنهار في الزيادة، فيزيد النهاء كل يوم سدس درجة، ثلاثين يوماً بخمس درج إلى نصف طوبه، فتنتقل الشمس إلى برج الدلو، فيزيد النهار كل يوم ثلث درجة بعشرة إلى نصف أمشير، فتنتقل إلى برج الحوت، فتسميها العامة بالشمس الصغيرة، فيزيد النهار كل يوم نصف درجة بخمس عشرة درجة إلى نصف برمهات، فتنتقل الشمس إلى برج الحمل، ويسميها العامة بالشمس الكبيرة، وهو أول فصل الربيع، وفيه الاعتدال الربيعي، يستوي الليل في تلك الليلة والنهار، يزيد كل يوم نصف درجة، كما في برج الحوت الذي قبله إلى منتصف برموده، فتنتقل الشمس إلى برج الثور، فيزيد النهاؤ كل يوم ثلث درجة بعشرة إلى منتصف بشنس، فتنتقل الشمس للجوزاء، ويزيد النهار كل يوم سدس درجة بخمسة إلى نصف بؤنة، فتنتقل إلى برج السرطان، وهو أول فصل الصيف، وبه ينتهي طول النهار، فيكون النهار من طلوع الشمس إلى غروبها أربع عشرة ساعة، وينتهي قصر الليل، فيكون من الغروب إلى طلوع الشمس عشرة، وحصة المغرب للعشاء، اثنتان وعشرون درجة، ومن المغرب للفجر، ثمان ساعات وخمس درج، ومنه للشمس خمس وعشرون درجة، ثم ينقص النهار، ويأخذ الليل في الزيادة، فيزيد الليل كل ليلة سدس درجة إلى خامس عشرة أبيب، فتنتقل الشمس إلى برج الأسد، فيزيد كل يوم ثلث درجة إلى نصف مسرى، فتنتقل إلى السنبلة، فيزيد النهار كل يوم نصف درجة إلى نصف توت أول السنة، فقد علمت أن الدرج الذي يأخذها النهار من الليل، والليل من النهار، ستون درجة بأربع ساعات، وأن الاعتدال يكون في السنة مرتين، مرة في نصف توت، الذي هو أول السنة القبطية، وهو فصل الخريف، والمرة الثانية في نصف برمهات، أو فصل الربيع، وأن مبدأ زيادة النهار من الفصل الذي قبله، وهو فصل الشتاء، ثلاثين يوماً بالأنصاف أيضاً إلى نصف برمودة، ودخول الشمس في الثور، فمدة زيادة الأنصاف ستون من نصف أمشير، ودخول الشمس في الحوت إلى نصف برموده، ثم ثلاثين بالأثلاث إلى نصف بشنس، ودخول الشمس في الجوزاء، ثم ثلاثين بالأسداس إلى نصف بؤنة، ودخول الشمس في السرطان، فيأخذ الليل في الزيادة بالأسداس، ثلاثين ليلة إلى نصف أبيب ودخولها في الأسد، ثم ثلاثين بالأثلاث إلى نصف مسرى، ثم بالأصناف إلى نصف توت، ثم بالأصناف أيضاً إلى نصف بابه، ثم بالأثلاث إلى نصف هاتور، ثم بالأسداس إلى نصف كهيك، ثم يعدو النهار على الليل، فسبحان الله المقدر للأمور، القادر على كل شيء، العليم الحكيم. قوله: ﴿ وَآيَةٌ ﴾ خبر مقدم، و ﴿ ٱلَّيلُ ﴾ مبتدأ مؤخر كما تقدم نظيره. قوله: ﴿ نَسْلَخُ ﴾ إلخ، بيان لكيفية كونه آية. قوله: (ننفصل) ﴿ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ ﴾ أي نزيله عنه لكونه كالساتر له، فإذا زال الساتر ظهر الأصل، فالليل أصل، فالليل أصل متقدم في الوجود، والنهار طارئ عليه بدليل قوله: ﴿ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ﴾ هذا لا ينافي ما يأتي في قوله:﴿ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ ﴾[يس: ٤٠] لأن معناه لا يأتي الليل قبل وقته المقدر له، بأن يأتي في وقت الظهر مثلاً، وهذا غير ما هنا، فتحصل أن معنى السلخ الفصل والإزالة، وليس المراد به الكشف، وإلا لقال فإذا هم مبصرون، لأنه يصير المعنى: وآية لهم الليل نكشف ونظهر منه النهار. قوله: (داخلون في الظلام) أي فيقال: أظلم القوم إذا دخلوا في الظلام، وأصبحوا إذا دخلوا في الصباح. قوله: (من جملة الآية) أي فهو عطف مفردات على قوله: ﴿ ٱلأَرْضُ ﴾، وقوله: (أو آية أخرى) أي فيكون عطف جمل.


الصفحة التالية
Icon