قوله: ﴿ لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ﴾ أي مكان تستقر فيه، وهو مكانها تحت العرش، فتسجد فيه كل ليلة عند غروبها، فتستمر ساجدة فيه طول الليل، فعند ظهور النهار، يؤذن لها في أن تطلع من مطلقها، فإذا كان آخر الزمان لا يؤذن لها في الطلوع من المشرق، بل يقال لها: ارجعي من حيث جئت: فتطلع من المغرب، وهذا هو الصحيح عند أهل السنة، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر غربت الشمس أتدري أين ذهبت الشمس؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد، فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى: ﴿ وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ ﴾ وقيل: إن الشمس في الليل، تسير وتشرق على عالم آخر من أهل الأرض، وإن كنا لا نعرفه، وهذا قول الحكماء، ويؤيده ما قاله الفقهاء: إن الأوقات الخمسة، تختلف باختلاف الجهات والنواحي، فقد يكون المغرب عندنا، عصراً عند آخرين، وقد يكون الليل عندهم ساعة فقط، واختلف في العشاء حينئذ، فقالت الحنفية بسقوطها، وقالت الشافعية ووافقهم المالكية: يقدر لهم بأقرب البلاد إليهم، ويصلونها ولو بعد طلوع الشمس عندهم، وتسمى أداء، ولا حرمة عليهم، في ذلك، وعلى ما قالته الحكماء، فاختلف في مستقر الشمس، فقيل: هو انقضاء الدنيا وقيام الساعة، وقيل: مستقرها هو سيرها في منازلها، حتى تنتهي إلى مستقرها التي لا تجاوزه، ثم ترجع إلى أول منازلها، وقيل: مستقرها نهاية ارتفاعها في السماء في الصيف، ونهاية هبوطها في الشتاء.


الصفحة التالية
Icon