قوله: ﴿ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ ﴾ انتقال من توبيخهم إلى إلزامهم الحجة بما لا وجود له، ولا يقدرون على اثباته. قوله: (التوراة) الصواب اسقاطه لأن الخطاب مع المشركين، والتوراة ليس لهم. قوله: ﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ ﴾ التفات من الخطاب للغيبة، اشارة إلى أنهم يعبدون من رحمة الله، وليسوا أهلاً لخطابه. قوله: (لاجتنانهم عن الأبصار) أي استتارهم عنها. قوله: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ ﴾ هذا زيادة في تبكيتهم وتكذيبهم كأنه قيل: هؤلاء الملائكة الذين عطمتموهم وجعلتموهم بنات الله أعلم بحالكم، وما يؤول إليه أمركم ويحكمون بتعذيبكم، على سبيل التأبيد. قوله: ﴿ سُبْحَانَ ﴾ إلخ، هذا من كلام الملائكة، تنزيه لله تعالى عما وصفه به المشركون بعد تكذيبهم له، فكأنه قيل: ولقد علمت الملائكة أن المشركين لمعذبون بقولهم ذلك، وقالوا سبحان الله عما يصفونه به، ولكن عباد الله المخلصين الذين نحن من جملتهم، برآء من هذا الوصف، وقوله: ﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ تعليل وتحقيق لبراءة المخلصين، ببيان عجزهم عن اغوائهم. قوله: (استثناء منقطع) أي من الواو في ﴿ يَصِفُونَ ﴾ وهو في قوة الاستدراك، دفع به ما يتوهم ثبوته أو نفيه، كأنه قال: تنزه الله عن وصف الكفار له تعالى، وأما وصف المؤمنين المخلصين له فلا يتنزه عنه، لأنهم لا يصفونه تعالى إلا بالكمالات. قوله: (أي على معبودكم) أشار بذلك إلى أن الضمير في (عليه) عائد على ﴿ مَآ ﴾ وعلى هذا، فالواو للمعية، و ﴿ مَآ ﴾ مفعول معه ساد مسد خبر إن. قوله: ﴿ بِفَاتِنِينَ ﴾ مفعوله محذوف قدره المفسر بقوله: (أحداً) والمعنى: إنكم مع معبودكم، لستم بمفسدين أحداً، إلا من سبقت له الشقاوة في علم الله. قوله: (إلا من هو صال الجحيم) استثناء من المفعول الذي قدره المفسر، و (صال) مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوف لالتقاء الساكنين، فهو معتل كقاض. قوله: (في علم الله تعالى) أي من علم الله أنه من أهل الجحيم، فإنه يميل إلى الكفر وأهله. قوله: ﴿ وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ هذا حكاية عن اعتراف الملائكة بالعبودية رداً على عبدتهم والمعنى: ليس منا أحد، إلا له مقام معلوم في المعرفة والعبادة، وامتثال ما يأمرنا الله تعالى به. قال ابن عباس: ما في السماوات موضع شبر، إلا وعليه ملك يصلي ويسبح، وقيل: إن هذه الثلاث آيات، نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى، فتأخر جبريل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أهنا تفارقني؟ فقال جبريل: ما أستطيع أن أتقدم عن مكاني هذا، وأنزل الله تعالى حكاية عن الملائكة ﴿ وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ الآيات، وفي الحديث:" ما في السماوات موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم "قوله: (أحد) قدره إشارة إلى أن في الآية حذف الموصوف وابقاء صفته وهو مبتدأ، والخبر جملة قوله: ﴿ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ والتقدير: ما أحد منا إلا له مقام معلوم. قوله: (أقدامنا في الصلاة) أشار بذلك إلى أن المفعول محذوف. قوله: (مخففة من الثقيلة) أي واللام فارقة، والمعنى: أن قريشاً كانت تقول قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم: لو أن لنا كتاباً مثل كتاب الأولين، لأخلصنا العبادة لله تعالى، وهذا نظير قوله تعالى:﴿ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ ﴾[فاطر: ٤٢].