قوله: ﴿ فَكَفَرُواْ بِهِ ﴾ الفاء للفصيحة مرتب على ما قبله. قوله: ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي في الدنيا والآخرة، والتعبير بسوف تهديد لهم، كقولك لمن تريد ضربه مثلاً: سوف ترى ما توعد به وأنت شارع فيه.
﴿ فَسَوْفَ ﴾ للوعيد لا للتعبير. قوله: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا ﴾ إلخ، هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم، وإنما صدرت هذه الجملة بالقسم، لتأكيد الاعتناء بتحقيق مضمونها، قوله: ﴿ كَلِمَتُنَا ﴾ إنما سمى الوعد بالنصر كلمة، مع أنه كلمات، لكون معنى الكل واحداً. قوله: (وهي لأغلبن أنا ورسلي) أي فيكون قوله: ﴿ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ ﴾ جملة مستأنفة، وقوله: (أو هي قوله) ﴿ إِنَّهُمْ ﴾ إلخ، أي وعليه فيكون بدلاً من ﴿ كَلِمَتُنَا ﴾ أو تفسيراً لها. قوله: ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا ﴾ الجند في الأصل الأنصار والأعوان، والمراد منه أنصار دين الله، وهم المؤمنون، كما قال المفسر. قوله: (وإن لم ينتصر بعض منهم) إلخ، دفع بهذا ما يقال: قد شوهدت غلبة الكفار على المؤمنين في بعض الأزمان، فأجاب: بأن النصر إما في الآخرة للجميع، أو في الدنيا للبعض، فالمؤمنون منصورون على كل حال. أجيب أيضاً: بأن الأنبياء المأذون لهم في القتال، لا بد لهم من النصر في الدنيا، ولا تقع لهم هزيمة أبداً، وإنما إن وقع للكفار بعض غلبة، كما في أحد، فهو لحكم عظيمة، ولا تبيت على المؤمنين، بل ينصرون عليهم بصريح قوله تعالى:﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾[الأنفال: ٣٦] الآية، وأما غيرهم، فتارة ينصرون في الدنيا، وتارة لا، وإنما ينصرون في الآخرة. قوله: (تؤمر فيه بقتالهم) أي فكان أولاً مأموراً بالتبليغ والصبر، ثم لما كان في السنة الثانية من الهجرة، أمر صلى الله عليه وسلم بالجهاد، وغزواته سبع وعشرون غزوة، قاتل في ثمان منها بنفسه: بدر وأحد والمصطلق والخندق وقريظة وخيبر وحنين والطائف.


الصفحة التالية
Icon