قوله: ﴿ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ ﴾ تنويع في الإنكار عليهم مرتبط بقوله: ﴿ أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ ﴾.
قوله: (أي لم يقع ذلك) أشار به إلى أن الهمزة للإنكار. قوله: ﴿ بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ﴾ إلخ، أي لم يأتوا بحجة عقلية ولا نقلية، بل اعترفوا بأنه لا مستند لهم سوى تقليد آبائهم. قوله: ﴿ أُمَّةٍ ﴾ قرأ العام بضم الهمزة بمعنى الطريقة والملة، وقرئ شذوذاً بكسرها بمعنى الطريقة أيضاً، وبالفتح المرة من الأم وهو القصد. قوله: (ماشون) أشار بتقدير هذا، إلى أن الجار والمجرور خبر إن، وعليه فيكون ﴿ مُّهْتَدُونَ ﴾ خبراً ثانياً. قوله: ﴿ مُّهْتَدُونَ ﴾ قاله هنا بلفظ ﴿ مُّهْتَدُونَ ﴾ وفيما يأتي بلفظ ﴿ مُّقْتَدُونَ ﴾ تفنناً. قوله: ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾ أي والأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتمسكهم بالتقليد، وقوله: ﴿ مَآ أَرْسَلْنَا ﴾ استئناف مبين لذلك، دال على أن التقليد فيما بينهم ضلال قديم، ليس لأسلافهم أيضاً مستند غيره، وفيه تسلية لرسول الله. قوله: ﴿ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ ﴾ جمع مترف اسم مفعول، وتفسير المفسر له باسم الفاعل تفسير باللازم. قوله: (مثل قول قومك) مفعول مطلق نعت مصدر محذوف، أي قولاً مثل قول قومك وقوله: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَآ ﴾ مقول القول. قوله: (قُلْ) (لهم) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلن أي قل لقومك يا محمد إلخ. قوله: ﴿ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ ﴾ إلخ، أي بدين أهدى وأصوب مما وجدتم إلخ، أي من الضلالة التي ليست من الهداية في شيء، والتعبير بالتفصيل لأجل التنزل معهم وإرخاء العذاب. قوله: ﴿ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ ﴾ أي فلا تكترث بتكذيب قومك لك، فإن عاقبتهم كغيرهم من المكذبين. قوله: (واذكره) قدره إشارة إى أن الظرف معمول لمحذوف، وسيأتي أن قوله:﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾[الزخرف: ٢٨] متعلق بذلك المحذوف. قوله: ﴿ لأَبِيهِ ﴾ تقدم الخلاف في كونه أباه حقيقة أو عمه، وتوجيه كل من القولين مفصلاً. قوله: ﴿ بَرَآءٌ ﴾ العام على فتح الباء والراء، بعدها ألف فهمزة، مصدر وقع موقع الصفة وهي بريء، فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وقرئ شذوذاً بضم الباء وكسرها، بوزن طوال وكرام. قوله: ﴿ إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي ﴾ يحتمل أن الاستثناء منقطع، بناء على أنهم كانوا يشركون مع الله غيره، وذلك أنهم كانوا يعبدون النمروذ، ويحتمل أن إلا صفة بمعنى غير. قوله: (يرشدني لدينه) أي يدلني على أحكامه من صلاة وغيرها، ودفع بذلك ما يقال: إن الهداية حاصلة، لكونه مجبولاً على التوحيد من﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾[الأعراف: ١٧٢] فكيف يعبر بالمضارع فضلاً عن اقترابه بالسين، فأجاب بما ذكر، نظير ما أجاب به عن قوله:﴿ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ ﴾[الشورى: ٥٢] وأجيب أيضاً: بأن السين زائدة، والمضارع للدلالة على الاستمرار، والمعنى يديمني على الهدى، وأجيب أيضاً: بأن المعنى سيثبتني على الهداية. قوله: (أي كلمة التوحيد) إلخ، تفسير للضمير البارز، والضمير المستتر يعود على إبراهيم، والمعنى: أن إبراهيم وصى بهذه الكلمة عقبه، قال تعالى:﴿ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ﴾[البقؤة: ١٣٢] الآية. قوله: (أي أهل مكة) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ لَعَلَّهُمْ ﴾ إلخ، متعلق باذكر الذي قدره، والمعنى: اذكر يا محمد لقومك ما ذكر، ليحصل عندهم رجوع إلى دين إبراهيم.