قوله: ﴿ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ ﴾ جمع كبيرة، وهي ما ورد فيها وعيد أو حدّ. قوله: ﴿ وَٱلْفَوَاحِشَ ﴾ إما عطف مرادف: إن أريد بها الكبائر، أو خاص إن أريد بها ما ترتب عليه عظيم مفسدة، كالقتل والزنا والسرقة ونحو ذلك. قوله: ﴿ إِلاَّ ٱللَّمَمَ ﴾ هو في الأصل أن يلم بالشيء ولم يرتكبه، والمراد به فعل الصغائر. قوله: (كالنظرة) أي وكالكذب الذي لا حد فيه، ولم يترتب عليه إفساد بين الناس، وهجر المسلم فوق ثلاث، والتبختر في المشي ونحو ذلك. قوله: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ ﴾ تعليل لقوله: ﴿ إِلاَّ ٱللَّمَمَ ﴾ والمعنى: أن عدم المؤاخذة على الصغائر، لا لكونها ليست ذنباً، بل لسعة مغفرة الله. قوله: (بذلك) أي باجتناب الكبائر. قوله: (أي عالم) أشار بذلك إلى أنه ليس المراد صيغة التفضيل. قوله: ﴿ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ ﴾ أي فهو عالم بتفاصيل أموركم، حين ابتدأ خلق أبيكم آدم من التراب، وحين صوركم في الأرحام. قوله: (جمع جنين) سمي بذلك الاستتارة في بطن أمه. قوله: (لا تمدحوها) أي لا تثنوا عليها، ولا تشهدوا لها بالكمال والتقى، فإن النفس خسيسة، إذا مدحت اغترت وتكبرت، فالذي ينبغي للشخص، هضم النفس وذلها واستخفافها. قوله: (أما على سبيل الاعتراف بالنعمة فحسن) أي ولذا قيل: المسرة بالطاعة طاعة، وذكرها شكر، قال تعالى:﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾[الضحى: ١١].
قوله: ﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ ﴾ أي بمن أخلص في طاعته وتقواه، فينتفع بها ويثاب عليها، وأما المرائي، فلا ينتفع بطاعته، بل يعاقب عليها، لأن الرياء يحبط العمل. قوله: (أي ارتد) أي بعد أن أسلم بالفعل، وهذا أحد قولين: وقيل: قارب الإسلام ولم يسلم بالفعل. قوله: (وأعطاه من ماله) الضمير المستتر في أعطى عائد على الذي تولى، والبارز عائد على الذي ضمن له عذاب الله، فتحصل أن الضامن جعل على المتولي شيئين: الرجوع إلى الشرك، وأن يدفع له عدداً معيناً من ماله، وجعل على نفسه هو شيئاً واحداً، وهو ضمان عذاب الله. قوله: ﴿ وَأَكْدَىٰ ﴾ هو في الأصل من أكدى الحافر إذا أصاب كدية منعته من الحفر، ومثله أحبل، أي صادف جبلاً منعه من الحفر، ثم استعمل في كل من طلب منه شيء فلم يعطه. قوله: ﴿ أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ ﴾ استفهام إنكاري بمعنى النفي، أي ليس عنده علم الغيب. قوله: ﴿ فَهُوَ يَرَىٰ ﴾ عطف على قوله: ﴿ أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ ﴾ فهي داخلة في حيز الاستفهام. قوله: (وهو الوليد بن المغيرة) أي وهو قول مقاتل وعليه الأكثر. قوله: (أو غيره) أي فقيل: هو العاص بن وائل السهمي، وقيل: هو أبو جهل، وهذا الخلاف في بيان الذي تولى وأعطى قليلاً وأكدى، وأما الذي غره وضمن أن يحمل عنه العذاب، فلم يذكروا تعيينه.


الصفحة التالية
Icon