قوله: ﴿ سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ أي سارعوا مسارعة المستابقين إلى ما يوجب المغفرة وهي التوبة من الذنوب، وإلى ما يوجب الجنة وهو فعل الطاعات. قوله: ﴿ كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ ﴾ أي أن السماوات السبع والأرضين السبع، لو جعلت صفائح، وألزق بعضها إلى بعض؛ لكان عرض الجنة في عرض جميعها، قال ابن عباس: يريد أن لكل واحد من المطيعين جنة بهذه السعة، وقيل: إن ذلك تمثل للعباد بما يعقلونه ويعرفونه، وأكثر ما يقع في نفوسهم مقدار السماوات والأرض، فشبه عرض الجنة بما تعرفه الناس، روي أن جماعة من اليهود، سألوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا له: إذا كانت الجنة عرضها ذلك فأين النار؟ فقال لهم: أرأيتهم إذا جاء الليل أين يكون النهار؟ وإذا جاء النهار أي يكون الليل؟ فقالوا: إن مثلها في التوراة. قوله: (والعرض السعة) جواب عما يقال: إنه ذكر العرض ولم يذكر الطول. فأجاب المفسر: بأنه لم يرد بالعرض ما قابل الطول، بل أراد به السعة. وأجيب أيضاً: بأنه ترك ذكر الطول تعظيماً لشأنها، لأنه إذا كان هذا شأن العرض فالطول أعظم، لأن العرض أقل من الطول. قوله: ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ ﴾ أي الموعود به من المغفرة والجنة. قوله: ﴿ مِن مُّصِيبَةٍ ﴾ ﴿ مِن ﴾ زائدة في فاعل ﴿ أَصَابَ ﴾ وعهد زيادتها حيث وقعت في جملة منفية، ومجرورها نكرة. قوله: ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ يصح أن يكون متعلقاً بأصاب، أو بمحذوف صفة لمصيبة، أو بنفس مصيبة. قوله: (بالجدب) أي وغيره كالعاهة والزلزلة. قوله: ﴿ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ ﴾ حال من ﴿ مُّصِيبَةٍ ﴾ لتخصصها بالوصف. والمعنى مكتوبة في كتاب. قوله: ﴿ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ ﴾ الضمير عائد على المصيبة. قوله: (ويقال في النعمة كذلك) أي ما حصل للخلق نعمة في الأرض كالمطر؛ ولا وفي أنفسكم كالصحة والولد، إلا مكتوبة في اللوح المحفوظ، من قبل أن يخلقها الله، أشار المفسر بهذه العبارة، إلى أن في الآية حذف الواو مع ما عطفت، بدليل التعليل الآتي في قوله: ﴿ لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ ﴾ ويصح أن يراد بالمصيبة جميع الحوادث من خير وشر، وعلى ما مشى عليه المفسر، من أن المراد بالمصيبة الشر، فخصها بالذكر لأنها أهم على البشر. قوله: ﴿ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ أي سهل لا مشقة فيه ولا تعب، بل هو بقول كن. قوله: (كي ناصبة للفعل) أي بنفسها لدخول اللام عليها، ولذا قال بمعنى أن. قوله:(أي أخبر تعالى) أشار بذلك إلى أن اللام حرف جر متعلقة بمحذوف. قوله: ﴿ تَأْسَوْاْ ﴾ مضارع منصوب بحذف النون، والواو فاعل، وأصله تأسيون تحركت الياء وانفتح ما قبلها، قلبت ألفاً فصار تأساون، فالتقى ساكنان الألف والواو التي هي الفاعل؛ حذفت الألف لالتقاء الساكنين، فصار وزنه تفعون، ومصدره أسى، وفعله أسى كجوى جوى، فقول بعض النحاة والتقدير لأجل عدم إساءتكم صوابه أساكم، لأن مصدره أسى لا إساءة. قوله: (تحزنوا) أي حزناً يوجب القنوط، وإلا فالحزن الطبيعي لا ينفك عنه الإنسان كالفرح الطبيعي. قوله: (بل فرح شكر على النعمة) أي فالمنهي عنه الحزن الموجب للجزع والقنوط، والفرج الموجب للبطر والأشر وعدم شكر النعمة، وأما الفرح والحزن الطبيعيان فلا محيص للشخص عنهما، ولكن يسلم أمره لله، ويرجع في جميع أموره لمالكه وسيده، فالمقصود من هذه الآية بيان الخير والشر بيد الله، مقدر كل منهما في الأزل يجب الرضا به. قوله: ﴿ بِمَآ آتَاكُمْ ﴾ أي لأنه مقدر لكم. قوله: (وبالقصر) هما قراءتان سبعيتان. قوله: (جاءكم منه) أي من الله. قوله: ﴿ كُلَّ مُخْتَالٍ ﴾ أي معجب بنعم الله عليه. قوله: (بما أوتي) أي من النعم. قوله: ﴿ فَخُورٍ ﴾ (به على الناس) أي كثير الفخر بما أعطيته من النعم على الناس.