قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ ﴾ الخ، لما ذكر الثناء على المهاجرين والأنصار وأتباعهم، أتبعه بذكر أحوال المنافقين الذين نافقوا مع بني النضير، وهم عبد الله بن أبي وأصحابه، والخطاب إما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يتأتى منه الخطاب. قوله: ﴿ لإِخْوَانِهِمُ ﴾ اللام للتبليغ، والمعنى مبلغين إخوانهم. قوله: (لام قسم) أي موطئة لقسم محذوف أي والله. قوله: (في الأربعة مواضع) أي ﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ ﴾.
﴿ لَئِنْ أُخْرِجُواْ ﴾.
﴿ وَلَئِن قُوتِلُواْ ﴾.
﴿ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ ﴾، بل في الخمسة هذه الأربعة، وقوله: ﴿ وَإِن قُوتِلْتُمْ ﴾ لأن اللام مقدرة معه. قوله: ﴿ أُخْرِجْتُمْ ﴾ (من المدينة) أي أخرجكم النبي وأصحابه. قوله: ﴿ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ ﴾ عطف على قوله: ﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ ﴾ وكذا قوله: ﴿ وَإِن قُوتِلْتُمْ ﴾ فمقولهم ثلاث جمل، والقسم الواقع منهم اثنان، ثم كذبهم الله اجمالاً وتفصيلاً بعد. قوله: (في خذلانكم) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: ﴿ أَحَداً ﴾ أي من النبي والمؤمنين، وقوله: ﴿ أَبَداً ﴾ ظرف للنفي. قوله: (حذفت منه اللام) أي وحذفها قليل في لسان العرب، والكثير اثباتها. قوله: ﴿ لَكَاذِبُونَ ﴾ أي فيما قالوه. قوله: ﴿ لَئِنْ أُخْرِجُواْ ﴾ تفصيل لكذبهم وهو تكذيب لقولهم ﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ ﴾ وقوله: ﴿ وَلَئِن قُوتِلُواْ ﴾ الخ، تكذيب لقولهم ﴿ وَإِن قُوتِلْتُمْ ﴾ الخ، وقوله: ﴿ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ ﴾ من تمام تكذيبهم في المقالة الثالثة. قوله: (جاؤوا لنصرهم) جواب عما يقال: إن قوله: ﴿ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ ﴾ مناف لقوله: ﴿ لاَ يَنصُرُونَهُمْ ﴾ فأجاب بأن المعنى خرجوا القصد نصرهم، وحينئذ فلا يلزم منه نصرهم بالفعل، وأجيب أيضاً: بأن قوله: ﴿ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ ﴾ أي على سبيل الفرض والتقدير. قوله: (واستغنى بجواب القسم) الخ، أي للقاعدة المعروفة في قول ابن مالك: واحذف لدى اجتماع شرط وقسم جوب ما أخرت فهو ملتزمقوله: (أي اليهود) هذا أحد أقوال في مرجع الضمير، وقيل: عائد على المنافقين، وقيل: عائد على مجموع اليهود والمنافقين وهو الأقرب. قوله: ﴿ لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً ﴾ الخ، أي خوفهم منكم في السر، أشد من خوفهم من الله الذي يظهرونه لكم، وهذه الجملة كالتعليل لقوله: ﴿ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ﴾ كأنه قال: إنهم لا يقدرون على مقابلتكم، لأنكم أشد رهبة. قوله: ﴿ ذَلِكَ ﴾ أي ما ذكر من كون خوفهم من المخلوق، أشد من خوفهم من الخالق. قوله: (مجتمعين) أشار بذلك إلى أن جميعاً حال. قوله: (وفي قراءة جدر) أي وهي سبعية أيضاً، غير أن من قرأ جدار بالألف يلتزم الامالة في جدار، وأما الصلة في بينهم بحيث يتولد منها واو، فمن قرأ جداراً بدون أحد هذين الوجهين، فقد قرأ بقراءة لم يقرأ بها أحد. قوله: ﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ﴾ راجع لقوله: ﴿ لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً ﴾ الخ، أي فعجزهم عن قتالكم ليس لضعف فيهم، بل هم في غاية القوة من العدد والعدة، وإنما يضعفون في حربكم للرعب الذي في قلوبهم منكم. قوله: (متفرقة) أي لعظم الخوف، فقلوبهم لا توافق الأجسام، بل فيها حيرة ودهشة. قوله: (خلاف الحسبان) حال أي خلاف ظنكم فيهم بمقتضى جميعة الصور. قوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ﴾ إنما خص الأول بلا يفقهون، والثاني بلا يعقلون، لأن الأول متصل بقوله: ﴿ لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾ وهو دليل على جهلهم بالله فناسبهمم عدم الفقة، والثاني متصل بقوله: ﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ﴾ وهو دليل على عدم عقلهم، إذ لو عقلوا لما تشتتت قلوبهم وتحيرت وامتلأت رعباً.