قوله: ﴿ عَسَى ٱللَّهُ ﴾ الخ، هذا تسلية للمؤمنين، في عدم موالاة الكفار الذين أمروا به في أول السورة، فشدد المسلمون على أنفسهم في هجر الكفار، فوعد الله المسلمين بإسلام أقاربهم الكفار، فيوالونهم موالاة جائزة مطلوبة، ويجمع الله الشمل بعد التفرق. قوله: ﴿ مِّنْهُم ﴾ أي من الكفار، فهو حال من ﴿ ٱلَّذِينَ ﴾ أي حال كون الذين عاديتموهم من جملة الكفار، وقوله: (طاعة الله) مفعول لأجله، أي حصلت المعاداة لأجل طاعة الله. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ قَدِيرٌ ﴾ أي فلا يستبعد عليه ذلك الجعل المذكور. قوله: (وقد فعله) أي بأن أسلم غالب كفار مكة، فصاروا أحباباً وإخواناً. قول: ﴿ وَٱللَّهُ غَفُورٌ ﴾ (لهم) أي للذين عاديتموهم، بأن محا عنهم ما سلف بسبب الإيمان. قوله: ﴿ لاَّ يَنْهَاكُمُ ﴾ نزلت هذه الآية لتخصيص الحكم النازل أول السورة، لأن الآية الأولى عامة في سائر الكفار مطلقاً، ولو كانوا مصالحين، ثم بين هنا، أن من كان من الكفار بينهم وبين المسلمين صلح ومهادنة، تجوز مودتهم ولم يكن النهي شاملاً لهم كخزاعة وبني الحرث، وعلى هذا تكون الآية محكمة، فيجوز الآن للمسلمين مواددة الكفار الذين تحت الذمة والصلح، وقيل: إن المراد بقوله: ﴿ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ ﴾ أي لم يبتدئوكم بالقتال، ولو لم يكن بينكم وبينهم صلح، وهذا كان في أول الأمر بالجهاد، ثم نسخ الأمر بالقتال عموماً بقوله تعالى:﴿ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾[التوبة: ٥].
قوله: ﴿ فِي ٱلدِّينِ ﴾ أي لأجل دينكم. قوله: (بدل اشتمال) أي فالمعنى: لا ينهاكم الله عن أن تبروهم، والبر هو الإحسان. قوله: (تفضوا) إنما فسر ﴿ تُقْسِطُوۤاْ ﴾ بمعنى (تفضوا) ليصح تعديته بإلى. قوله: (أي بالعدل) هذا لا يخص هؤلاء فقط، بل العدل واجب مع كل أحد ولو قاتل، فالأولى تفسيره بالإعطاء، أي تعطوهم قسطاً من أموالكم، فعطف القسط على البر، من عطف الخاص على العام. قوله: (وهذا قبل الأمر بجهادهم) يشير بذلك إلى أن الآية منسوخة وقد علمت ما فيه. قوله: (العادلين) أي على تفسير القسط بالعدل، وعلى تفسير القسط بالإعطاء، فالمراد بالمقسطين المحسنون. قوله: ﴿ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ ﴾ أي وهم أهل مكة. قوله: (بدل اشتمال) أي إنما ينهاكم الله عن أن توالوهم. قوله: ﴿ ٱلظَّالِمُونَ ﴾ فيه مراعاة معنى من بعد مراعاة لفظها.


الصفحة التالية
Icon