قوله: ﴿ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ﴾ أي اجعلوا لها وقاية بفعل الطاعات واجتناب المعاصي: وقوا امر من الوقاية، فوزنه عوا، لأن فاءه حذفت لوقوعها في المضارع بين ياء وكسرة، والأمر محمول عليه، وحذفت اللام حملاً له على المجزو؛ فأصله أوقيوا فحذفت الواو التي هي فاء الكلمة حملاً على المضارع، وحذفت همزة الوصل استغناء عنها لزوال الساكن الذي جيء به لأجله، واستثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان، حذفت الياء وضم ما قبل الواو لتصح. قوله: ﴿ وَأَهْلِيكُمْ ﴾ أي مرورهم بالخير وانهوهم عن الشر وعلموهم وأدبوهم، والمراد بالأهل النساء والأولاد وما ألحق بهما. قوله: ﴿ وَقُودُهَا ﴾ أي ما توقد به. قوله: (كأصنامهم) مثال للحجارة التي توقد النار بها، قوله: (منها) حال من الأصنام والضمير للحجارة. قوله: ﴿ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ ﴾ أي يتولى أمرها وتعذيب أهلها. قوله: (من غضب القلب) أي قسوته فلا يرحمون أحداً، لأنهم خلقوا من الغضب، وحبب إليهم عذاب الخلق، كما حبب لبني آدم الطعام والشراب، وقيل: غلاظ الأبدان لما روي ما بين منكبي أحدهم كما بين المشرق والمغرب. قوله: ﴿ شِدَادٌ ﴾ (في البطش) أي فقد روي أنه من جملة قوة الواحد منهم أن يضرب بالمقمع، فتدفع الضربة سبعين ألف إنسان في قعر جهنم. قوله: (بدل من لفظ الجلالة) أي بدل اشتمال كأنه قال لا يعصون أمره، وفيه إشارة إلى أن ﴿ مَآ ﴾ مصدرية. قوله: ﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ أي به. قوله: (تأكيد) جواب عما يقال: إن الجملة الأولى هي عين الجملة الثانية فلم كررها؟ فأجاب: بأنه كررها للتأكيد. وأجيب أيضاً: بأن مفاد الجملة الأولى، أنهم لا يقع منهم عصيان لأمر الله ولا مخالفة، ومفاد الجملة الثانية، أن قضاء الله نافذ على أيديهم، لا يعوقهم عنه عائق، بخلاف أهل طاعة الله في الدنيا، قد يتخلف ما أمروا به لعجز أو نسيان مثلاً، فتغايرا بهذا الاعتبار. قوله: (والآية تخويف للمؤمنين) أي الخالصين، وهو جواب عما يقال: إن هذا خطاب للمشركين، فلأي شيء خوطب به المؤمنون؟ فأجاب: بأنه على سبيل التخويف للمؤمنين الخالصين، وللمنافقين الذين هم مؤمنون ظاهراً. قوله: (يقال لهم ذلك) أي ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ الخ. قوله: (أي لأنه لا ينفعكم) أي لأنه يوم الجزاء لا يوم الاعتذار، إذ قد فات زمنه. قوله: (أي جزاءه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف في قوله: ﴿ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon