قوله: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ﴾ أي مؤمنة أو كافرة عاصية أو غير عاصية، فالاستثناء متصل. قوله: ﴿ رَهِينَةٌ ﴾ أي على الدوام بالنسبة للكفار، وعلى وجه الانقطاع بالنسبة لعصاة المؤمنين. قوله: (مأخوذة بعملها) أشار بذلك إلى أن ما مصدرية، والكسب بمعنى العمل. قوله: ﴿ إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ ﴾ قد علمت أن الاستثناء متصل، وأهل اليمين يعم العصاة وغيرهم، لأن الكل ناجون من الرهينة، إما ابتداء ودواماً، وإما دوماً قوله: (كائنون) ﴿ فِي جَنَّاتٍ ﴾ اشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ فِي جَنَّاتٍ ﴾ متعلق بمحذوف خبر مبتدأ مقدر أي هم، وهذه الجملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر، والتقدير ما شأنهم وحالهم. قوله: ﴿ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ أي يسأل بعضهم بعضاً، قوله: ﴿ عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾ أي الكفارين، والكلام على حذف مضاف، أي عن حالهم. قولهم: (ويقولون لهم) اي للمجرمين. وهذا القول خطاب أهل الجنة لأهل النار، وهو غير السؤال المتقدم فيما بينهم. والحاصل أن أهل الجنة حين يستقرون فيها، وينادي المنادي: يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت، يسأل بعضهم بعضاً عن معارفهم المجرمين الذين خلدوا في النار، ثم يكشف لهم عنهم فيخاطبونهم بقولهم ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾.
قوله: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ ﴾ الخ، الاستفهام للتوبيخ والتعجب من حالهم. قوله: ﴿ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ ﴾ أي نعطيه ما يجب علينا عطاؤه، كزكاة ونحوها. قوله: ﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ ﴾ أي في القرآن فنقول فيه: إنه لسحر وشعر وكهانة وغير ذلك من الأباطيل التي كانوا يخوضون فيها. قوله: ﴿ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ ﴾ تخصيص بعد تعميم، لأن الخوض في الأباطيل عامل شامل، لتكذيب يوم الدين وغيره، وفي هذه الآية دليل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، فيعذبون عليها زيادة على عذاب الكفر. قوله: ﴿ حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ ﴾ غاية في الأمور الأربعة. قوله: (والمعنى لا شفاعة لهم) أي فالنفي مسلط على القيد والمقيد معاً، وهذا خلاف القاعدة، من أن النفي إذا دخل على مقيد، تسلط على القيد فقط، فهنا ليس المراد أنه توجد شفاعة لكنها غير نافعة، بل المراد لا توجد شفاعة أصلاً. قوله: (انتقل ضميره) أي الضمير الذي كان مستكيناً في المحذوف، وقوله: (إليه) أي إلى هذا الخبر الذي هو الجار والمجرور، لأن القاعدة أن الجار والمجرور إذا وقع خبراً، حذف متعقله وجوباً، وانتقل ضميره إليه، وسمي حينئذ ظرفاً أو جاراً ومجروراً، مستقراً لاستقرار الضمير فيه. قوله: (حال من الضمير) أي المجرور باللام. قوله: ﴿ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ ﴾ حال من الضمير في ﴿ مُعْرِضِينَ ﴾ فهي حال متداخلة. قوله: ﴿ مُّسْتَنفِرَةٌ ﴾ بكسر الفاء وفتحها سبعيتان، أي نافرة بنفسها من أجل الأسد، أو نفرها الأسد، فقوله: (وحشية) ليس تفسيراً لمستنفرة، فكان المناسب تقديمه عليه. قوله: (أسد) وقيل القسورة الجماعة الذين يصطادونها. قوله: ﴿ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ ﴾ الخ، إضراب انتقالي عن محذوف، كأنه قيل: لا سبب لهم في الأعراض بل يريد الخ، وسبب نزول الآية أن أبا جهل وجماعة من قريش قالوا: يا محمد، لن نؤمن بك، حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمن فيه باتباعك، وكانوا يقولون: إن كان محمد صادقاً، ليصبحن عند رأس كل واحد منا صحيفة فيها براءته من النار. قوله: ﴿ مِّنْهُمْ ﴾ أي من كفار قريش. قوله: ﴿ مُّنَشَّرَةً ﴾ أي طرية لم يطو، بل تأتينا وقت كتابتها يقرؤها كل من رآها.