قوله: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ ﴾ تعليل لقوله: ﴿ نَّبْتَلِيهِ ﴾ والمراد بالهداية الدلالة. قوله: (يبعث الرسول) أي جنسه الصادق بآدم ويمن بعده من الرسل إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ وَإِمَّا كَفُوراً ﴾ لم يقل كافراً مشاكلة لشاكراً، إما مراعاة رؤوس الآي، أو لأن الشاكر قليل والكافر كثير، فعبر في جانب الكفر بصغية المبالغة. قوله: (من المفعول) أي وهو الهاء في ﴿ هَدَيْنَاهُ ﴾.
قوله: ﴿ إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ ﴾ الخ لف ونشر مشوش، فهذه الآية راجعة لقوله: ﴿ وَإِمَّا كَفُوراً ﴾ وقوله: ﴿ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ ﴾ الخ، راجع لقوله: ﴿ إِمَّا شَاكِراً ﴾.
قوله: ﴿ سَلاَسِلاَ ﴾ إما بمنع الصرف كمساجد، أو بالصرف لمناسبة قوله: ﴿ وَأَغْلاَلاً ﴾ فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ وَأَغْلاَلاً ﴾ (في أعناقهم) أي فتجمع أيديهم إلى أعناقهم. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ ﴾ الخ، لما ذكر حال الكفار وجزاءهم في الآخرة، أتبعه بجزاء الشاكرين، وأطنب فيه ترغيباً لهم. قوله: (جمع بر) أي كرب وأرباب، وقوله: (أو بار) أي كشاهد وأشهاد. قوله: (وهم المطيعون) أي المؤمنون الصادقون في إيمانهم وإن اقترفوا الذنوب، فكل من كان ليس مستوجباً للخلود في النار فهو من الأبرار، لذكرهم في مقابلة الفجار في قوله تعالى:﴿ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾[الإنفطار: ١٣-١٤] وهذا تعريف لمطلق الأبرار، فلا ينافي قولهم البر هو الذي لا يؤذي الذر، أو الذي يؤدي حق الله ويوفي بالنذر، أو غير ذلك، فإنه تعريف للأبرار الكاملين كما هنا. قوله: (وهي فيه) أي فإن لم تكن فيه فهو إناء. قوله: (والمراد من خمر) دفع بذلك ما يقال: إن الضمير في قوله: ﴿ مِزَاجُهَا ﴾ عائد على الكأس، مع أن الكافور لا يمزج بالكأس بل بما فيه، فأجاب المفسر: بأن المراد بالكأس الخمر نفسه، من باب تسمية الحال باسم المحل. قوله: ﴿ كَافُوراً ﴾ إن قلت: إن الكافور غير لذيذ وشربه مضر، فما وجه مزج شرابهم به؟ أجيب: بأن المراد أنه كالكافور في بياضه وطيب ريحه وبرودته. قوله: (بدل من كافوراً) أي على حذف مضاف، أي ماء عين، لأن العين اسم لمنبع الماء، وهو لا يبدل من الماء، وما ذكره المفسر احد احتمالات في وجه نصب ﴿ عَيْناً ﴾ ويصح أن مفعول ﴿ يَشْرَبُونَ ﴾ قوله: ﴿ مِن كَأْسٍ ﴾ حال لأنه نعت نكرة قدم عليها، والأصل يشربون عيناً من كأس، أي خمر ممزوج بالكافور وهو أسهلها، قوله: ﴿ يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ ﴾ الجملة صفة لعيناً، وقوله: (ومنها) إشارة إلى أن الباء بمعنى من الابتدائية، أي يبتدئون الشرب من العين. قوله: (أولياؤه) أي وهم المؤمنون. قوله: (يقودونها) أي فهي سهلة لا تمتنع عليهم، ورد: أن الرجل منهم يمشي في بيوته ويصعد إلى قصوره، وبيده قضيب يشير به إلى الماء، فيجري معه حيثما دار في منازله على الأرض المستوية، ويتبعه حيثما صعد إلى أعلا قصوره.