قوله: ﴿ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ الخ، ذكر في سورة﴿ هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ ﴾[الإنسان: ١] أحوال الكفار في الآخرة على سبيل الاختصار، واطنب في أحوال المؤمنين، عكس ما فعل هنا، ليحصل التعادل بين السورتين. قوله: (أي تكاثف أشجار) من إضافة الصفة للموصوف. قوله: ﴿ وَعُيُونٍ ﴾ (نابعة من الماء) أي ومن العسل واللبن والخمر، كما في آية القتال. قوله: ﴿ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ راجع للعيون والفواكة. قوله: (بحسب شهواتهم) أي فمتى اشتهوا فاكهة وجدوها حاضرة، فليست فاكهة الجنة مقيدة بوقت دون وقت، كما في أنواع فاكهة الدنيا، قال تعالى:﴿ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا ﴾[الرعد: ٣٥].
قوله: (ويقال لهم) أي من قبل الله، أو القائل لهم الملائكة إكراماً لهم. قوله: (كما جزينا المتقين) أي بالظلال والعيون والفواكه نجزي المحسنين. إن قلت: لا مغايرة بين المتقين المحسنين، ففيه تشبيه الشيء بنفسه. والجواب: أن يراد بالمتقين الكاملون في الطاعة، وبالمحسنين من عندهم أصل الإيمان، ويصير المعنى: إن هذا الجزاء كما هو ثابت للكاملين في الطاعة، ثابت لمن كان عنده أصل الإيمان، فالمماثلة في الأوصاف التي ذكرت في تلك الآية، لا في المراتب والدرجات فتدبر. قوله: (ومن الزمان) أي فقليلاً منصوب على الظرفية. قوله: (وغايته إلى الموت) أي فهو مدة العمر، قال بعض العلماء: التمتع في الدنيا من أفعال الكافرين، والسعي لها من أفعال الظالمين، والاطمئنان إليها من أفعال الكاذبين، والسكون فيها على حد الأذن، والأخذ منها على قدر الحاجة من أفعال عوام المؤمنين، والأعراض عنها من أفعال الزاهدين، وأهل الحقيقة أجل خطراً من أن يؤثر فيهم حب الدنيا وبغضها وجمعها وتركها.