قوله: ﴿ فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ ﴾ الفاء فاء الفصيحة، أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره إذا علمت ما تقدم الخ. قوله: ﴿ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ ﴾ أي الداهية التي تعلو على الدواهي، فهي أعظم من كل عظيم، وخص ما هنا بالطامة الكبرى، موافقة لقوله قبل﴿ فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ ﴾[النازعات: ٢٠] بخلاف ما في عبس، فإنه لم يتقدمه شيء من ذلك، فخصت بالصاخة، وهي الصوت الشديد الواقع بعد الداهية الكبرى فناسب جعل الطم للسابقة والصخ للاحقة. قوله: (بدل من إذا) أي بدل كل أو بعض. قوله: ﴿ وَبُرِّزَتِ ﴾ عطف على ﴿ جَآءَتِ ﴾ والعامة على بنائه للمفعول مشدداً، و ﴿ لِمَن يَرَىٰ ﴾ بياء الغيبة مبنياً للفاعل، ومعناه يبصر، وهو مثل في الأمر المنكشف الذي لا يخفى على أحد. قوله: (لكل راء) أي من كل من له عين وبصر من المؤمنين والكفار، لكن الناجي لا ينصرف بصره إليها فلا يراها بالفعل، والكافر هي مأواه. قوله: (وجواب إذا) ﴿ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ﴾ الخ فيه نوع تساهل، لأن قوله: ﴿ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ﴾ الخ، بيان لحال الناس في الدنيا، وقوله: ﴿ فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ﴾ الخ، بيان لحالهم في الآخرة، فالأولى ما سلكه غيره، من أن الجواب محذوف، يدل عليه التفصيل المذكور تقديره: دخل أهل النار النار، وأهل الجنة الجنة. قوله: (باتباع الشهوات) أي المحرمات. قوله: (مأواه) أي فأل عوض عن الضمير العائد على ﴿ مَن طَغَىٰ ﴾.
قوله: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ﴾ مقابل قوله: ﴿ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ﴾ الخ، واعلم أن الخوف من الله تعالى مرتبتان: مرتبة العامة وهي الخوف من العذاب، ومرتبة الخاصة وهي الخوف من جلال الله تعالى، والآية صادقة بهما، وأضيف المقام لله تعالى، وإن كان وصفاً للعبد، من حيث كونه بين يديه ومقاماً لحسابه. قوله: (الأمارة) قيد بها لأنها هي تكون مذمومة الهوى، وأما غيرها فهواها محمود، لما في الحديث:" لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تابعاً لما جئت به ". قوله: (المردي) أي المهلك، قوله: (باتباع الشهوات) متعلق بالمردي والباء سببية. قوله: (وحاصل الجواب) الخ، أشار بذلك إلى أن ﴿ أَمَّا ﴾ لمجرد التأكيد وليست للتفصيل، لعدم تقدم مقتضيه، وصار المعنى (فالعاصي في النار) الخ، وفيه أنه يحوج لتكلف، فالأحسن ما قدمناه من أن الجواب محذوف، والآية دليل عليه.


الصفحة التالية
Icon