قوله: ﴿ فَٱلْيَوْمَ ﴾ منصوب بـ ﴿ يَضْحَكُونَ ﴾ الواقع خبراً عن المبتدأ، ولا يضر تقدمه على المبتدأ لأمن اللبس، وذلك أن الظرف المبهم لا يصح وقوعه خبراً عن المبتدأ، بخلاف: في الدار زيد قام، فلا يجوز تقديم الجار والمجرور على المبتدأ؛ لصلاحتيه للخبرية. قوله: ﴿ يَنظُرُونَ ﴾ حال من ضمير ﴿ يَضْحَكُونَ ﴾.
قوله: (من منازلهم) قال كعب: لأهل الجنة كوى، ينظرون منها إلى أهل النار، وقيل: حصن شفاف بينهم يرون منه حالهم، وفي سبب هذا الضحك وجوه منها: أن الكفار كانوا في ترفه ونعيم، فيضحكون من المؤمنين بسبب ما هم فيه من البؤس والضر، وفي الآخرة ينعكس الحال؛ فيكون المؤمنون في النعيم، والكفار في الجحيم. ومنها: أنه يقال لأهل النار وهم فيها اخرجوا، وتنفتح أبوابها لهم، فإذا رأوها وقد فتحت أبوابها، أقبلوا عليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى أبوابها، أغلقت دونهم، يفعل ذلك بهم مراراً. ومنها: أنهم إذا دخلوا الجنة وأجلسوا على الأرائك، ينظرون إلى الكفار كيف يعذبون في النار، يرفعون أصواتهم بالويل والثبور، ويلعن بعضهم بعضاً، فهذا سبب ضحكهم. قوله: ﴿ هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ ﴾ الخ، يحتمل أنه مقول قول محذوف، والتقدير: يقول الله لأهل الجنة، أو يقول بعض المؤمنين لبعض: ﴿ هَلْ ثُوِّبَ ﴾ الخ، ويحتمل أنه متعلق بينظرون، والمعنى: ينظرون هل جوزي الكفار؟ فمحلها نصب، إما بالقول المحذوف، أو ينظرون، وقوله: (جوزي) أشارة إلى أن التثويب بمعنى الجزاء، وهو يكون في الخير والشر، والمراد هنا الثاني، وقوله: (نعم) جواب الاستفهام على كل.