قوله: ﴿ إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ﴾ قدر المفسر اذكر إشارة إلى أن إذ ظرف معمول لمحذوف، وهذا شروع في ذكر قصة عيسى وما فيها من العجائب. قوله: (أي جبريل) أي فهو من باب تسمية الخاص باسم العام. قوله: ﴿ يُبَشِّرُكِ ﴾ البشارة هي الخبر السار وضدها النذارة وهي الخبر الضار. قوله: ﴿ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ﴾ أي الله. قوله: (أي ولد) أي مولود وعبر عنه بالكلمة لأنه يقول كن من غير واسطة مادة، واتفق أن نصرانياً قدم على الرشيد فوجد عنده الحسن بن علي الواقدي، فقال النصراني للخليفة والعالم: إن في كلام الله آية تدل على أن عيسى جزء من الله، فقال له: وما تلك الآية؟ فقال النصراني: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ﴾ فمن للتبعيض، فمقتضى ذلك أنه جزء منه، فقال الشيخ: إذا كانت من للتبعيض هنا فكذلك هي في قوله تعالى:﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ ﴾[الجاثية: ١٣] إذ لا فرق بينهما، فبهت النصراني واسلم، واغدق الخليفة على الشيخ اغداقاً عظيماً وكان يوماً مشهوداً، وإنما من للابتداء على حد إن الله خلق نور نبيك من نوره، والمعنى خلقه بلا واسطة مادة. وأعلم أن تلك البشارة تضمنت خمسة عشر وصفاً. قوله: ﴿ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ﴾ ظاهره أن هذه الأشياء كلها جعلت اسماً واحداً له، مع أن المسيح لقبه وابن مريم كنيته، وإنما الاسم عيسى فقط، ويجاب بأنه لما كان لا يتميز إلا بهذه الأشياء كلها جعلت اسماً واحداً، والمسيح فعيل إما بمعنى فاعل لأنه ما مسح على ذي عاهة إلا برئ، أو لأنه كان يمسح الأرض في الزمن القليل لهداية الخلق، أو مفعول لأنه ممسوح بالبركة أو ممسوح القدم بمعنى أنها لا أخمص لها، وأما الدجال فيلقب بالمسيح إما لأنه يمسح الأرض في الزمن القليل لإضلال الناس، أو لأنه ممسوح العين، فهو من تسمية الأضداد ومن الأسماء المشتركة، وعيسى من العيسى وهو البياض المشرب بحمرة لأن لونه كان كذلك، قوله: (إذ عادة الرجال) أي والنساء. قوله: ﴿ وَجِيهاً ﴾ حال من المسيح. قوله: (ذا جاه) أي عز وسؤدد. قوله: (بالنبوة) أي والمعجزات الباهرة والحكمة التي لا تضاهى. قوله: (والدرجات العلا) أي من حيث إنه من أولي العزم. قوله: (عند الله) عندية مكانة لا مكان أي قرب ومنزلة. قوله: ﴿ فِي ٱلْمَهْدِ ﴾ أي زمنه والمهد فراش الصبي زمن طفوليته، وورد أنه كان تكلم حين ولادته كما قص الله في سورة مريم. قوله: (قبل وقت الكلام) أي وانقطع إلى وقته المعتاد، وكان يحدث أمه وهو في بطنها، فإذا اشتغلت أمه بكلام إنسان اشتغل هو بالتسبيح. قوله: ﴿ وَكَهْلاً ﴾ أي بين الثلاثين والاربعين، والمقصود بشارة أمه بطول عمره لا كون كلامه حينئذ خرق عادة. قوله: ﴿ وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ ﴾ أي الكاملين في الصلاح وهم سادات الرسل، فأل في الصالحين للكمال. قوله: (بتزوج ولا غيره) أي كالزنا وقد صرح به في سورة مريم بقوله:﴿ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً ﴾[مريم: ٢٠] وهذا استفهام عن الحالة التي يأتي عليها ذلك الولد، وإنما استفهمت عن ذلك لأنها جازمة أنها منذورة لخدمة بيت المقدس وإنها مقبولة، وكانت عادتهم إن المنذور لا يتزوج، فهذا هو حكمه استعظامها ذلك. قوله: ﴿ كَذَلِكَ ﴾ خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله: الأمر والكاف يحتمل زيادتها والأصل الأمر ذلك ويحتمل اصالتها، وقد تقدم ذلك. قوله: ﴿ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً ﴾ القضاء هو تعلق ارادة الله بالأشياء أزلاً. قوله: (اراد خلقه) أي تعلقت ارادته بخلقه تعلقاً تنجيزياً قديماً. قوله: (أي فهو يكون) اشار بذلك إلى أن جملة خبر لمحذوف. قوله: (بالنون والياء) أي قراءتان سبعيتان، فعلى الياء الأمر ظاهر وعلى النون فهو التفات من الغيبة للخطاب. قوله: (الخط) ورد أنه كان حسن الحظ جداً، وكان يعلمه للصغار في المكتب. قوله: ﴿ وَٱلْحِكْمَةَ ﴾ أي النبوة. قوله: ﴿ وَٱلتَّوْرَاةَ ﴾ إن قلت إنها كتاب موسى. أجيب بأنه كان يحفظها ويتعبد بها إلا ما نسخ منها في الإنجيل.


الصفحة التالية
Icon