قوله: ﴿ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ يعني لا تشبهوهم في قولهم في شأن من مات أو قتل، لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا فيه يعتقدون أن الفرار نافع مع قضاء الله. قوله: ﴿ لإِخْوَانِهِمْ ﴾ أي في النسب أو الكفر أو الضلال، والمعنى لا تكونوا مثلهم في كفرهم ولا في قولهم لإخوانهم إلخ. قوله: ﴿ إِذَا ضَرَبُواْ ﴾ إذا هنا لمجرد الزمان وأتى بإذا إشارة إلى أن هذا الأمر محقق منهم. قول: (سافروا) أي مطلقاً لغزو أو لا. قوله: (فماتوا) أخذه من قوله الآتي ﴿ مَا مَاتُواْ ﴾ قوله: ﴿ غُزًّى ﴾ خبر كان منصوب بفتحة مقدرة على الألف المنقلبة عن الواو. قوله: (جمع غاز) أي على غير قياس، وقياس المعتل غزاة كقضاة. قوله: (فقتلوا) أخذه من قوله: ﴿ وَمَا قُتِلُواْ ﴾.
قوله: ﴿ مَا مَاتُواْ ﴾ راجع لقوله: ﴿ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ وقوله: ﴿ وَمَا قُتِلُواْ ﴾ راجع لقوله: ﴿ أَوْ كَانُواْ غُزًّى ﴾.
قوله: (أي لا تقولوا كقولهم) أي فإنه شائبة من الكفر والضلال واعتقاده كفر. قوله: ﴿ لِيَجْعَلَ ﴾ اللام للعاقبة والصيرورة كهي في قوله تعالى:﴿ فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ﴾[القصص: ٨] والمعنى أن الكفار قصدوا بهذا الكلام اللوم على من خرج ومنع من يريد الخروج، فكان عاقبة ذلك كونه يجعل حسرة في قلوبهم. قوله: (فلا يمنع عن الموت قعود) أي عن الغزو والسفر، ولا يجلب الغزو والسفر موتاً، بل لكل أجل كتاب﴿ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾[الأعراف: ٣٤].
قوله: (بالتاء والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان، فعلى الياء يكون وعيداً للكفار، وعلى التاء يكون تحذيراً للمؤمنين. قوله: (فيجازيكم به) أي إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، قوله: (لام قسم) أي موطئة تقديره والله لئن قتلتم. قوله: (بضم الميم وكسرها) قراءتان سبعيتان. وقوله: (من مات يموت) راجع للضم ووزنه قال يقول، وأصله يموت بسكون الميم وضم الواو نقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها. قوله: (ويمات) راجع لقوله: (وكسرها) فيكون من باب خاف يخاف، وأصله يموت بسكون الميم وفتح الواو، نقلت فتحة الواو إلى الساكن قبلها ثم تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً. قوله: (أي أتاكم الموت فيه) أي في السفر. قوله: ﴿ لَمَغْفِرَةٌ ﴾ أي تأتيه، وقوله: ﴿ وَرَحْمَةٌ ﴾ أي إحسان فالموت خير من الحياة إن كان في سفر غير معصية أو جهاد فإنه شهادة على كل حال. قوله: (جواب القسم) أي جواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم، لقول ابن مالك: واحذف لدى اجتماع شرط وقسم. جواب ما أخرت. قولخ: (وهو في موضع الفعل) أي فتقديره لغفرت لكم ورحمتكم، وظاهره أن جواب القسم لا بد أن يكون جملة فعلية وليس كذلك، بل يكون جملة اسمية، وقدم القتل هنا على الموت لأنه أهم وأشرف، وقدم الموت أولاً لمراعاة الترتيب. وآخر لأنه أعم من القتل. قوله: ﴿ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ يحتمل أن ما مصدرية، والمعنى خير من جمعكم الدنيا أو موصولة، والعائد تقديره خير من الذي تجمعونه من الدنيا. قوله: (بالتاء والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (بالوجهين) أي السابقين من ضم الميم وكسرها.


الصفحة التالية
Icon