قوله: ﴿ وَلْيَخْشَ ﴾ قرأ السبعة بسكون اللام وغيرهم بكسرها وعلى كل اللام للأمر، وسبب نزولها أنه كان في الجاهلية إذا حضر أحدهم الموت قد حضره جماعة، حملوه على تفرقة ماله للفقراء والمساكين، ويحرمون أولاده منه، فيرتب على ذلك كونهم بعد موته عالة على الناس ويضيعون، فنزلت الآية تحذيراً لمن يحمل الميت على ذلك من وصي أو غيره، فإنه كما يدين الفتى يدان، فكما يتقي الله في يتامى غيره، فجزاؤه أن يقبض الله له من يتقي الله في أولاده. قوله: (أي ليخفف على اليتامى) المعنى ليخفف الله على اليتامى. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ ﴾ لو شرطية بمعنى إن، فتقلت الماضي للاستقبال كما قال ابن مالك وجماعة، فتركوا فعل الشرط. قوله: ﴿ خَافُواْ ﴾، وقوله: ﴿ فَلْيَتَّقُواْ ﴾ مرتب عليه. قوله: ﴿ خَافُواْ عَلَيْهِمْ ﴾ (الضياع) إن قلت: ما ذنب اليتيم حتى يعاقب بالضياع؟ أجيب بأن ذلك تعذيب لأبيه، لأن ما يؤذي الحي يؤذي الميت، وليس تعذيباً لهم، بل قد يكون رفعة لهم إن اتقوا الله. قوله: (وليأتوا إليهم ما يحبون الخ) أي يفعلوا بهم ما يحبون أن يفعل بذريتهم بعد موتهم. قوله: (للميت) ويحتمل أن يكون لليتامى، بأن يقولوا لهم لا تخافوا ولا تحزنوا، فنحن مثل آبائكم. قوله: (ولا يتركهم عالة) أي فقراء يتكففون وجوه الناس. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ﴾ نزلت في حق رجل من غطفان، مات أخوه وترك ولداً يتيماً فأكل عمه ماله، والمعنى يتلفون أموالهم، فالتعبير بالأكل عن الإتلاف مجاز. قوله: ﴿ ظُلْماً ﴾ يحتمل أن يكون مفعولاً لأجله، أي لأجل الظلم، ويحتمل أن يكون حالاتً من يأكلون، أي حال كون الأكل ظلماً. قوله: ﴿ إِنَّمَا يَأْكُلُونَ ﴾ هذه الجملة خبر إن الأول، والتعبير بالأكل مجاز باعتبار ما يؤول إليه أو المعنى يأكلون بسبب النار. قوله: (بالبناء للفاعل والمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (ناراً شديدة) أشار بذلك إلى أنه ليس المراد خصوص الطبقة المسماة بذلك، لأنها لعباد الوثن خاصة وربما مات آكل مال اليتيم مسلماً. والحاصل: أنه تارة تطلق تلك الأسماء على ما يعم جميع الطبقات وتارة تطلق على مسمياتها خاصة. قوله: (يحترقون فيها) أي إن لم يتوبوا. روي أن آكل مال اليتيم يبعث يوم القيامة، والدخان يخرج من قبره ومن فمه و؟أنفه وأذنيه وعينيه فيعرف الناس أنه كان يأكل مال اليتيم في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon