قوله: ﴿ وَمَن يُهَاجِرْ ﴾ هذا ترغيب في الهجرة. قوله: (مهاجراً) بالفتح أي أماكن يهاجر إليها، وعبر عنها بالمراغم إشارة إلى أن من فعل ذلك أرغم الله به أنف عدوه: أي يقهره ويذله، والرغام في الأصل التراب، فأطلق وأريد لازمه، وهو الذل والهوان، لأن من التصق أنفه بالتراب فقد ذل وصغر. قوله: (كما وقع لجندع بن ضمرة الليثي) وذلك أنه لما نزل قوله تعالى:﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ﴾[النساء: ٩٧] الآيات، بعث بها صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فتليت على المسلمين الذين كانوا فيها إذ ذاك، فسمعها رجل من بني ليث، شيخ مريض كبير يقال له جندع بن ضمرة فقال: والله ما أنا ممن استثنى الله، فإني لأجد حيلة ولي من المال ما يبلغني إلى المدينة وأبعد منها، والله لا أبيتن بمكة، أخرجوني، فخرجوا به على سرير حتى أتوا به التنعيم، فأدركه الموت فصفق بيمينه على شماله ثم قال: اللهم هذه لك ولرسولك، أبايعك على ما بايعك رسولك، ثم مات، فبلغ خبره أصحاب رسول الله فقالوا: لو وافى المدينة لكان أتم وأوفى أجراً، وضحك منه المشركون وقالوا: ما أدرك ما طلب، فنزلت الآية. قوله: ﴿ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ ﴾ أي تفضلاً منه وكرماً ويدخل في ذلك من قصد أي طاعة ثم عجز عن إتمامها، فيكتب له ثوابها كاملاً.