قوله: ﴿ لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ ﴾ استدراك على قوله:﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾[النساء: ١٦١] والمعنى من كان من اليهود، وفعل تلك الأفعال المتقدمة، وأصر على الكفر، ومات عليه، أعتدنا لهم عذاباً أليماً، وأما من كان من اليهود، غير أنه رسخ في العلم، وآمن وعمل صالحاً، فأولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً، و ﴿ ٱلرَّاسِخُونَ ﴾ مبتدأ، و ﴿ فِي ٱلْعِلْمِ ﴾ متعلق به، وقوله: ﴿ مِنْهُمْ ﴾ متعلق بمحذوف حال من الراسخون. وقوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾ مبتدأ، و ﴿ سَنُؤْتِيهِمْ ﴾ خبره، والجملة خبر الراسخون. قوله: ﴿ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ عطف على الراسخون عطف مفصل على مجمل، لأن الإيمان وما بعده متنوع ولازم للرسوخ في العلم، فنزل التغاير الاعتباري منزلة التغاير الذاتي، وهذا على أن المراد المؤمنون منهم وأما على أن المراد المؤمنون من غيرهم، أو ما هو أعم، فالمغايرة ظاهرة، وقوله: ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ الخ حال من المؤمنون والراسخون. قوله: ﴿ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ ﴾ أي وهو القرآن، وهذه الصفات للإيمان الكامل، فلا يكون الإنسان كامل الإيمان حتى يتصف بجميعها. قوله: (نصب على المدح) أي فتكون جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، وإنما نصبهم تعظيماً لشأنهم، وما قاله المفسر هو أحسن الأجوبة عن الآية، ويصح أنه معطوف على الكاف في إليك، ويكون المراد بالمقيمين الأنبياء، ويصح أنه معطوف على ما أنزل، ويكون المراد بالمقيمين الأنبياء والملائكة، ويصح أن يكون معطوفاً على الهاء في أي منهم، أي لكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين. قوله: (وقرئ بالرفع) أي وعليها، فلا إشكال وهي شاذة وإن وردت عن كثير. قوله: ﴿ وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ﴾ أي المصدقون بأن الله يجب له كل كمال، ويستحيل عليه كل نقص، وقوله: ﴿ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ﴾ أي يصدقون بأنه حق وما يقع فيه صدق. قوله: (هو الجنة) أي الخلود فيها، وهو مقابل قوله: (وأعتدنا لهم عذاباً أليماً).