قوله: ﴿ وَ ﴾ (اذكر) ﴿ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ ﴾ أشار بذلك إلى أن إّ ظرف لمحذوف، قدره المفسر بقوله اذكر، والمقصود من ذلك توبيخ اليهود الذين في زونه صلى الله عليه وسلم وتسليته على عدم إيمانهم به وبيان نقضهم العهد تفصيلاً، والمعنى تسل ولا تحزن من عدم إيمانهم بك ومن تكذيبك، فإنهم كذبوا من يدعون أنه نبيهم إلى الآن. قوله: و ﴿ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ ﴾ أي تذكّروها واشكروا عليها. قوله: ﴿ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ ﴾ أي بكثرة ولم تكن في غيركم. قوله: ﴿ وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً ﴾ أي يبسط الدنيا لكم، وذلك بعد إغراق فرعون، قوله: (خدم) جمع خادم، وهو صادق بالذكر والأنثى، وقوله: (وحشم) هم الخدم لكن منم الرجال، ورد أن أول من ملك الخدم بنو إسرائيل، وكان يقال عندهم من كانت عنده دابة وجارية وزوجة فهو ملك، وقيل الملك من اتسعت داره وكان فيها النهر يجري، وقيل جعلكم ملوكاً أي أحراراً بعد استرقاق فرعون لكم. قوله: ﴿ مِّن ٱلْعَٱلَمِينَ ﴾ أي مطلقاً، لأن فلق البحر والمن والسلوى لم يكن لأحد غيرهم، ولا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا حاجة هنا للتأويل بعالمي زمانهم. قوله: (من المن والسلوى) بيان لما. إن قلت: إن هذه المقالة وقعت حين أخذ الميثاق عليهم في قتال الجبارين، فلا يظهر قول المفسر من المن والسلوى، لأنه لم ينزل عليهم إلا في التيه، وذلك بعد توجههم من مصر لقتال الجبارين، فحينئذٍ كان المناسب للمفسر أن يقول من النبوة والملك وفلق البحر، وقد يجاب: بأنه لا مانع من ذكر هذه الكلمة في التيه أيضاً. قوله: ﴿ يَٰقَوْمِ ﴾ الجمهور على كسر الميم من غير ياء، وقرئ بضم الميم إجراء له مجرى المفرد، وبالباء مفتوحة لأنه منادى مضاف لياء المتكلم، قال ابن مالك: واجْعَلْ مُنَادِي صَحّ أَنْ يَضِف ليَا   كَعَبْدَ عَبْدِي عَبْدَ عَبْداً عَبْدياقوله: (المطهرة) إنما سميت مطهرة لسكنى الأنبياء المطهرين فيها، فشرفت وطهرت بهم، فالظرف طاب بالمظروف، إن قلت: إن الجبارين كانوا فيها وهم غير مطهرين أجيب: بأن الخير يغلب الشر، والنور يغلب الظلمة. قوله: (أمركم بدخولها) دفع بذلك ما يقال: كيف الجمع بين الكتابة التي تفيد تحتم الدخول، وبين قوله قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة، فأجاب: بأن المراد بالكتب الأمر بالدخول، وأجيب أيضاً بأن قوله التي كتب الله لكم أي قدرها في اللوح المحفوظ، إن لم تقع منكم مخافة، وقد وقعت فحرمت عليهم أربعين سنة، فهو قضاء معلق. قوله: ﴿ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ ﴾ أي ترجعوا إلى مصر، فإنهم لما سمعوا بأخبار الجبارين، قالوا تجعل لنا رئيساً ينصرف بنا إلى مصر، وصاروا يبكون ويقولون ليتنا متنا بمصر. قوله: ﴿ فَتَنْقَلِبُوا خَٰسِرِينَ ﴾ أي لأن الفرار من الزحف من الكبائر.


الصفحة التالية
Icon