قوله: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ ﴾ هذا شرع من قبلنا وهو شرع لنا ولم يرد ما ينسخه، ففي هذه الآية دليل لمذهب مالك حيث قال: شرع من قبلنا شرع لنا ما لا يرد ناسخ. قوله: ﴿ أَنَّ ٱلنَّفْسَ ﴾ أن حرف توكيد ونصب، والنفس اسمها، وقوله: ﴿ بِٱلنَّفْسِ ﴾ الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر أن، قدره المفسر بقوله: (تقتل) وهو حل معنى لا حل إعراب، لأن الخبر يقدر كوناً عاماً لا خاصاً، فالمناسب تقديره تؤخذ ليصلح للجميع، والجملة من أن واسمها وخبرها في محل نصب على المفعولية بكتبنا، واعلم أنه قرئ بنصب الجميع وهو ظاهر لأنه معطوف على اسم أن، وقرئ برفع الأربعة مبتدأ وخبر معطوف على جملة أن واسمها وخبرها ويؤول كتبنا بقلنا، فالجمل كلها في محل نصب مقول القول وهو الأحسن، وقرئ بنصب الجميع ما عدا الجروح فبالرفع مبتدأ وخبر معطوف على أن واسمها وخبرها. قوله: ﴿ وَٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ ﴾ بضم الذال وسكونها قراءتان سبعيتان. قوله: (بالوجهين) أي الرفع والنصب عند نصب الجميع، وأما عند رفع ما قبله فبالرفع لا غير. قوله: (وما لا يمكن) ما اسم موصول مبتدأ، وقوله: (فيه الحكومة) أي بأن يقدر رقيقاً سالماً من العيوب، ثم ينظر لما نقصه فيؤخذ بنسبته من الدية، وظاهر المفسر أن كل ما لا يمكن فيه القصاص فيه الحكومة ولعله مذهبه، وإلا فمذهب مالك الحكومة في كل ما لم يرد فيه شيء مقرر في الخطأ، وإلا ففيه ما قرر في الخطأ كرض الأنثيين وكسر الصلب ففيه الدية كاملة، وفي نحو الجائفة والآمة ثلثها على ما هو مبين في المذاهب. قوله: (بأن مكن) أي القاتل من نفسه للقصاص، ويحتمل أن المعنى فمن تصدق به أي القصاص بأن عفا الولي عن القاتل فهو كفارة لما عليه من الذنوب، والحاصل أن القاتل تعلق له ثلاث حقوق: حق لله وحق للولي وحق للمقتول، فإن سلم القاتل نفسه طوعاً تائباً سقط حق الولي ويرضي الله المقتول من عنده، وأما إن أخذ القاتل كرهاً وقتل من غير توبة فقد سقط حق الولي وبقي حق الله وحق المقتول، هكذا ذكره ابن القيم وهو مبني على أن الحدود زواجر، أما على ما مشى عليه مالك من أن الحدود جوابر، فمتى قتل ولو من غير توبة فقط سقطت الحقوق كلها، لأن السيف يجب ما قبله. قوله: ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ ﴾ أي لمخالفة شرع الله مع عدم استحلاله لذلك، وعبر فيما تقدم بالكافرون لتبديلهم وتغييرهم ما أنزل الله واستحلالهم لذلك.


الصفحة التالية
Icon