قوله: ﴿ لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ سبب نزولها أنه لما نزل تحريم الخمر والميسر، قال أبو بكر وبعض الصحابة: يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وقد شربوا الخمر وفعلوا القمار فنزلت. قوله: (أكلوا من الخمر والميسر) أي تناولوا ذلك شرباً للخمر وانتفاعاً بمال القمار عاشوا أو ماتوا. قوله: ﴿ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ ﴾ ظرف لقوله: ﴿ لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ ﴾ والحاصل أنه كرر سبحانه وتعالى قوله اتقوا ثلاثاً، فقيل الأول محمول على مبدأ العمر، والثاني على وسطه، والثالث على آخره، وقيل الأول اتقوا المحرمات خوف الوقوع في الكفر، والثاني الشبهات خوف الوقوع في المحرمات، والثالث بعض المباحات خوف الوقوع في الشبهات. وقيل الأول تقوى العبد بينه وبين ربه، والثاني تقوى العبد بينه وبين نفسه، والثالث تقوى العبد بينه وبين الناس، لأن العبد لا يكمل إلا إذا كان طائعاً فيما بينه وبين ربه، مجاهداً فيما بينه وبين نفسه، محافظاً على حقوق العباد. قوله: (ثبتوا على التقوى) هذا إشارة للمعنى الأول، وهو أن المراد بالأول التقوى في أول العمر الخ. قوله: ﴿ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ نزلت عام الحديبية حين أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكانوا ألفاً وأربعمائة بالعمرة من ذي الحليفة، وأرسل عثمان لأهل مكة يخبرهم بأن رسول الله قاصد زيارة بيت الله، فجلسوا ينتظرون عثمان، فكانت وحوش البر والطيور تأتي إليهم من كل فج، فنزلت الآية. قوله: (ليختبرنكم) أي يعاملكم معاملة المختبر. قوله: ﴿ مِّنَ ٱلصَّيْدِ ﴾ أي المصيد وهو وحوش البر والطيور، وهذا الابتلاء نظير ابتلاء قوم موسى بتحريم صيد السمك يوم السبت، ولكن الله حفظ الأمة المحمدية من الوقوع فيما يخالف أمر ربهم، فتم له السعد والعز في الدنيا والآخرة، وأما أمة موسى فتعدوا واصطادوا فمسخوا قردة وخنازير، قوله: ﴿ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ﴾ هو على التوزيع، فالأيدي راجع للصغار والرماح راجع للكبار. قوله: (بالحديبية) أي سنة ست، وقوله: (وهم محرمون) أي بالعمرة، وأشيع قتل عثمان فبايع النبي أصحابه تحت الشجرة على أنهم يدخلون مكة حرباً ثم حصل صلح بين الكفار وبين رسول الله، فأمرهم رسول الله بالتحلل من العمرة بالحلاق وذبح الهدايا. قوله: (علم ظهور) أي للخلق أي ليظهر لهم المطيع من العاصي. قوله: (حال) أي من فاعل يخاف، أي حال كون العبد غائباً عن الله أي محجوباً عنه لم يره. قوله: ﴿ بَعْدَ ذٰلِكَ ﴾ (النهي) أي المستفاد من قوله: ﴿ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ﴾ مع علته التي هي قوله: ﴿ لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ﴾.


الصفحة التالية
Icon