قوله: ﴿ يَابَنِيۤ ءَادَمَ ﴾ هذا خطاب عام لكل من لآدم عليه ولادة من أول الزمان لآخره، ولكن المقصود من كان في زمنه صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الآية دليل على عموم رسالته، لأن الله خاطب من أجله عموم بني آدم. قوله: (في ما المزيدة) أي للتأكيد. قوله: ﴿ يَأْتِيَنَّكُمْ ﴾ فعل الشرط مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم، وجملة: ﴿ فَمَنِ ٱتَّقَىٰ ﴾ إلى ﴿ خَٰلِدُونَ ﴾ جواب الشرط، والرابط محذوف تقديره فمن اتقى منكم، ومن يحتمل أن تكون شرطية، واتقى فعل الشرط، وجملة: ﴿ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ جوابه، ويحتمل أنها موصولة، واتقى صلتها، وجملة: ﴿ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ خبرها، وقرن بالفاء لما في المبتدأ من معنى العموم. قوله: ﴿ مِّنكُمْ ﴾ أي من جنسكم يا بني آدم، وإنما كان من جنسهم، لأنه أقطع لعذرهم وحجتهم. قوله: ﴿ يَقُصُّونَ ﴾ أي يقرؤون ويتلون. قوله: ﴿ آيَاتِي ﴾ أي القرآنية وغيرها. قوله: ﴿ فَمَنِ ٱتَّقَىٰ ﴾ (الشرك) أشار بذلك إلى أن المراد بالتقوى هنا التقوى العامة، وهي اتقاء الشرك بالإيمان لقرينة. قوله: ﴿ وَأَصْلَحَ ﴾ وأعلى منها تقوى الخواص، وهي ترك المعاصي، وأعلى منها ترك الأغيار، وهي كل مشغل عن الله، ولهذه المرتبة أشار العارف بقوله: ولو خطرت لي في سواك إرادة   على خاطري يوماً حكمت بردتيقوله: ﴿ وَأَصْلَحَ ﴾ (عمله) أي بأن ترك المعاصي أو كل مشغل عن الله فهو صادق بتقوى الخواص وخواص الخواص. قوله: (في الآخرة) أي وأما في الدنيا فلا يفارقهم الخوف ولا الحزن، لتذكرهم الموت وأحوال الأخرة، ولو جاءتهم البشرة من الله، فالحزن دأب الصالحين في الدنيا لزيادة درجاتهم. قوله: (فلم يؤمنوا بها) أشار لذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف، (أي تكبروا) عن الإيمان بها. قوله: (أي لا أحد) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: (بنسبة الشريك) الباء سببية، والمعنى لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذباً، وبسبب نسبة الشريك لله، ككفار مكة حيث أشركوا مع الله الأصنام، والنصارى واليهود حيث نسبوا له الولد. قوله: ﴿ أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ﴾ وإن لم ينسب الشريك له، لأنه لا يلزم من التكذيب بالآيات نسبة الشريك له، وأما نسبة الشريك فيلزم معها التكذيب بالآيات. قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم ﴾ أي في الدنيا. قوله: ﴿ مِّنَ ٱلْكِتَابِ ﴾ من إبتدائية متعلقة بمحذوف حال من نصيبهم، وقوله: (مما كتب لهم) بيان للنصيب. قوله: (من الرزق) أي على حسبه من سعة وضيق، وكونه من حلال أو حرام، وقوله: (والأجل) أي من قصر أو من طول، وقوله: (وغير ذلك) أي كالعمل، وكما أن ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ، مكتوب في صحف الملائكة وهو في بطن أمه، فتحصل أن ما قسم له في الحياة الدنيا لا يغيره كفر ولا إسلام. قوله: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ ﴾ حتى ما إبتدائية أو جارة. قوله: (الملائكة) قيل إنهم عزرائيل وأعوانه، لقبض أرواحهم، وقيل أنهم ملائكة العذاب، وتقدم أنهم سبع موكلون بأخذ روح الكافر بعد قبضها للعذاب. قوله: (تبكيتاً) أي توبيخاً وتقريعاً. قوله: ﴿ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ أي الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدنيا فتمنعكم الآن من العذاب. قوله: (فلم نرهم) أي مع شدة احتياجنا إليهم في هذا الوقت. قوله: ﴿ وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ ﴾ كلام مستأنف إخبار من الله بإقرارهم على أنفسهم بالكفر، ولا تعارض بين هذا وبين قوله:﴿ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾[الأنعام: ٢٣] لأن مواقف القيامة مختلفة.


الصفحة التالية
Icon