قوله: ﴿ وَنَادَوْاْ ﴾ أي أصحاب الأعراف. قوله: (قال تعالى) أشار بذلك إلى أن الوقف على قوله: ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ وقوله: ﴿ لَمْ يَدْخُلُوهَا ﴾ كلام مستأنف جواب عن سؤال مقدر، كأن قائلاً قال: وما صنع بأهل الأعراف؟ فأجيب بأنهم لم يدخلوها. قوله: (إذ طلع عليهم ربك) أي أزال عنهم الحجب حتى رأوه وسمعوا كلامه. قوله: (فقال قوموا ادخلوا الجنة) أي فينطلق بهم إلى نهر الحياة، حافتاه قضب الذهب مكلل باللؤلؤ، ترابه المسك فيلفوا فيه، فتصلح ألوانهم وتبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، يسمعون مساكين أهل الجنة. قوله: ﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ ﴾ عبر بالصرف دون النظر، إشارة إلى أن نظرهم ألى أهل النار غير مقصود، لأن رؤية العذاب وأهله تسيء للناظرين، بخلاف النظر للنعيم وأهله، ففيه مسرة للناظرين، فلذا لم يعبر في جانبه بالصرف بل قيل: ﴿ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ﴾.
قوله: ﴿ تِلْقَآءَ ﴾ بالمد والقصر قراءتان سبعيتان، وهي ظرف مكان بمعنى جهة، ويستعمل مصدراً كالتبيان، ولم يجيء من المصادر على التفعال بالكسر غير التلقاء والتبيان والزلزال، وبعضهم ألحق التكرار بذلك. قوله: (في النار) أي لا ابتداء مع العصاة، ولا دواماً مع الكفار. قوله: ﴿ رِجَالاً ﴾ أي كانوا عظماء في الدنيا، كأبي جهل، والوليد بن المغيرة، وعقبة بن أبي معيط، وأضرابهم. قوله: ﴿ بِسِيمَاهُمْ ﴾ أي علامتهم، وتقدم أنها سواد الوجه للكفار. قوله: ﴿ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ ﴾ يحتمل أن ما استفهامية، أي: أي شيء أغنى عنكم جمعكم، ويحتمل أنها نافية، أي لم يغن عنكم جمعكم ولا استكباركم شيئاً من عذاب الله. قوله: (المال) أشار بذلك إلى أن جمع مصدر مضاف لفاعله، ومفعوله محذوف قدره بقوله المال، وقوله: (أو كثرتم) إشارة لتفسير ثان لجمعكم، فيكون معناه جماعتكم. قوله: (أي واستكباركم) سبك المصدر بما بعد كان جرياً على قول من يقول إن كان تجردت عن معنى الحديث وصارت لمجرد الربط، ولو مشى على مقابلة المشهور لقال وكونكم مستكبرين، وإنما حمل المفسر على ذلك الاختصار. قوله: (مشيرين) أي أهل الأعراف. قوله: (إلى ضعفاء المسلمين) أي الذين كانوا يعذبون في الدنيا، وكان المشركون يسخرون بهم، كصبيب وبلال وسلمان وخباب ونحوهم.