قوله: ﴿ وَٱلْبَلَدُ ﴾ أي الأرض. قوله: (حسناً) أخذه من قوله: ﴿ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً ﴾.
قوله: ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِ ﴾ أي بإرادته ولم يذكر ذلك في المقابل وإن كان بإذنه أيضاً تعليماً لعباده الأدب، حيث أسند لنفسه الخير دون الشر وإن كان منه أيضاً لما ورد: إن الله جميل يحب الجمال، ولقوله تعالى:﴿ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ ﴾[آل عمران: ٢٦] ولم يقل وبيدك الشر، فلا يجوز أن يقال سبحان من خلق القرد، ولا سبحان من دبب الشوك. قوله: (هذا مثل للمؤمنين) أي ولعمله، فمثل المؤمن كمثل الأرض الطيبة، ومثل المواعظ والقرآن كمثل الماء، فكما أن الماء إذا نزل على الأرض الطيبة أنبتت طيباً، كذلك المواعظ والقرآن إذا نزلت على قلب المؤمن أنبتت الطاعات والصفات الحميدة. قوله: ﴿ إِلاَّ نَكِداً ﴾ أي إلا نباتاً نكد عديم النفع، ونصب نكداً على الحال، أو نعت مصدر محذوف، أي إلا خروجاً نكداً وهو من باب تعب. قوله: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً ﴾ المقصود من ذكر تلك القصص تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتركت الواو هنا، وذكرت في سورة هود والمؤمنون، لعدم تقدم ما يعطف عليه هنا بخلاف ما يأتي، ونوح اسمه عبد الغفار ابن ملك بفتح الميم وسكونها ابن متوشلخ بن أخنوخ، وهو إدريس، بعث على رأس أربعين سنة على الصحيح، وقيل على رأس خمسين، وقيل مائتين وخمسين، وقيل مائة سنة، ومكث في قومه تسعمائة وخمسين، وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين، فجملة عمره ألف ومائتان وأربعون، بناء على الصحيح من أنه بعث على رأس الأربعين، وكان بحاراً، وصنع السفينة في عامين، ولقب بنوح لكثرة نوحه على نفسه، حيث دعا على قومه فهلكوا، وقيل لمراجعته ربه في شأن ولده كنعان، وقيل لأنه مر على كلب مجذوم فقال له: اخسأ يا قبيح، فأوحى الله إليه أعبتني أم عبت الكلب. وقدم قصة نوح لأن قومه أول من كفر واستحق العذاب. قوله: (جواب قسم محذوف) إنما أتى بالقسم هنا للرد على المنكرين ومما يجب التأكيد فيه. قوله: ﴿ إِلَىٰ قَوْمِهِ ﴾ القوم في الأصل: قبيلة الرجل وأقاربه الذين اجتمعوا معه في جد واحد، ويطلق القوم مجازاً على من عاشرهم الرجل وسكن عندهم، وإن لم يكونوا أقارب له. قوله: ﴿ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ ﴾ أي وحدوه. قوله: ﴿ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ استئناف مسوق لبيان وجه إفراده بالعبادة. قوله: (صفة لإله) أي مراعاة للفظه. قوله: (بدل من محله) أي لأن محله رفع بالابتداء ومن زائدة. قوله: ﴿ إِنِّيۤ أَخَافُ ﴾ على ثانية للأمر بالعبادة، والمعنى اعبدوا الله لأنه ليس لكم إله غره، ولأني أتحقق نزول عذاب الآخرة بكم إن خالفتم ذلك، إما عاجلاً في الدنيا أو آجلاً في الآخرة. قوله: ﴿ قَالَ ٱلْمَلأُ ﴾ بالهمز والقصر، سموا بذلك لأنهم يملأون المجالس بأجسامهم، والقلوب بهيبتهم، والعيون بأبهتهم. قوله: ﴿ مِن قَوْمِهِ ﴾ لم يقل الذين كفروا مثل ما قيل في قوم هود، لأن ذلك كان في مبدأ رسالته ولم يكن ثم مؤمن، هكذا قيل، والأحسن أن يقال حذفه منه لعلمه مما يأتي في الآية الأخرى. قوله: ﴿ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ أي حيث عدل من عبادة آلهتهم المجمعين عليها المذكورين في سورة نوح في قوله تعالى:﴿ وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ﴾[نوح: ٢٣] الآية. قوله: (هي أعم من الضلال) أي لأن الضلال هو الخروج عن الحق من كل وجه، والضلالة هي الخروج عن الحق ولو بوجه. قوله: (فنفيها أبلغ) أي لأنها نكرة في سياق النفي فتعم. قوله: ﴿ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ ﴾ قد وقع الاستدراك أحسن موقع، لكونه بين ضدين: نفي الضلالة المتوهم ثبتها، وثبوت الرسالة المتوهم نفيها. قوله: (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان.