قوله: ﴿ وَإِلَىٰ ثَمُودَ ﴾ تقدم أنه معطوف على قوله: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً ﴾ عطف قصة على قصة، وثمود قبيلة سوا باسم جدهم ثمود بن عابر بن سام بن نوح. قوله: (بترك الصرف) أي للعلمية والتأنيث. ولو أريد به الحي لصرف. قوله: ﴿ أَخَاهُمْ ﴾ أي في النسب لأنه ابن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود المتقدم، وكان بين صالح وهود مائة سنة، وعاش صالح مائتين وثمانين سنة. قوله: ﴿ صَالِحاً ﴾ بدل من أخاهم أو عطف بيان عليه. ﴿ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ علة لقوله: ﴿ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ ﴾.
وقوله: ﴿ قَدْ جَآءَتْكُمْ ﴾ علة لمحذوف، والتقدير امتثلوا ما أمرتكم به، لأنه قد جاءتكم بينة على صدقي. قوله: ﴿ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً ﴾ كلام مستأنف بيان للمعجزة، والإضافة للتشريف واسم الإشارة مبتدأ و ﴿ نَاقَةُ ٱللَّهِ ﴾ خبر ومضاف إليه ﴿ لَكُمْ ﴾ جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من: ﴿ آيَةً ﴾ لأنه نعت كرة تقدم عليها أو خبر ثان و ﴿ آيَةً ﴾ حال والعامل فيها محذوف تقدير أشير، وقد أشار له المفسر بقوله: (حال عاملها معنى الإشارة) وهذا القول وقع من صالح بعد نصحهم، كما قال تعالى في سورة هود:﴿ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾[هود: ٦١] الآيات. قوله: (من صخرة عينوها) وكان يقال لها الكاتبة، وكانت منفردة في ناحية الجبل، فقالوا أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة تكون على شكل البخت، وتكون عشراء جوفاء وبراء، أي ناقة عشراء جوفاء كما وصفوا، لا يعلم ما بين جنبيها إلا الله تعالى، فعند خروجها ولدت ولداً مثلها في العظم، فمكثت الناقة مع ولدها ترعى وتشرب إلى أن عقروها. قوله: ﴿ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ ﴾ مرتب على كونها آية من آيات الله. قوله: ﴿ تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ ﴾ أي وتشرب. قوله: ﴿ فَيَأْخُذَكُمْ ﴾ بالنصب في جواب النهي، والتعقيب ظاهر، لأنهم لم يلبثوا إلا ثلاثة أيام، رأوا فيها أمارات العذاب، كما يأتي في سورة هود. قوله:﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾[هود: ٤٨] أي مؤلم. قوله: ﴿ وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ ﴾ تذكير لهم بنعم الله التي أنعمها عليهم. قوله: (في الأرض) قدره المفسر إشارة إلى أن في الآية الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه. قوله: ﴿ وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ أي أرض الحجر بكسر الحاء، مكان بين الحجاز والشام. قوله: ﴿ تَتَّخِذُونَ ﴾ أي تعملون وتصنعون، واتخذ يصح أن يكون متعدياً لواحد، فمن سهولها متعلق باتخذ، أو لاثنين فمن سهولها متعلق بمحذوف مفعول ثان. قوله: ﴿ مِن سُهُولِهَا ﴾ جمع سهل وهو المكان المتسع الذي لا جبل به، من بمعنى في، أي تصنعون في الأرض السهلة القصور، ويصح أن تكون من للابتداء، أي تتخذون من السهول، أي الأراضي اللينة القصور، أي طوبها وطينها، والأقرب الأول، وسميت القصور بذلك لقصر أيدي الفقراء عن تحصيلها. قوله: ﴿ وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً ﴾ يصح أن يكون المعنى على إسقاط الخالص أي من: ﴿ ٱلْجِبَالَ ﴾ و ﴿ بُيُوتاً ﴾ مفعول ﴿ تَنْحِتُونَ ﴾، ويصح أن يكون ﴿ ٱلْجِبَالَ ﴾ مفعولاً به، و ﴿ بُيُوتاً ﴾ حال مقدرة كما قال المفسر، لأن الجبال لا تصير بيوتاً إلا بعد نحتها، وهو إن كان جامداً، إلا أنه مؤول بالمشتق أي مساكن. قوله: ﴿ مُفْسِدِينَ ﴾ حال مؤكدة لعاملها، لأن العثو هو الفساد. قوله: (تكبروا) أشار بذلك إلى أن السين زائدة. قوله: (عن الإيمان به) أي بصالح. قوله: (بدل مما قبله بإعادة الجار) أي بدل كل من كل، إن كان الضمير في: ﴿ مِنْهُمْ ﴾ عائداً على القوم، ويكون جميع المستضعفين آمنوا وبدل بعض من كل، إن كان الضمير عائداً على المستضعفين، ويكون بعض المستضعفين آمنوا، والله أعلم بحقيقة الحال. قوله: ﴿ أَتَعْلَمُونَ ﴾ مفعول قول المستكبرين. قوله: ﴿ وَقَالُواْ ﴾ (نعم) قدر المفسر إشارة إلى أن هذا حق الجواب، وإنما عدلوا عنه مسارعة إلى تحقيق الحق وإظهار إيمانهم، وتنبيهاً على أن رسالته واضحة لا تخفى، فلا ينبغي السؤال عنها فهذا الجواب تبكيت لهم.


الصفحة التالية
Icon