قوله: ﴿ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً ﴾ إنما عبر بالليالي دون الأيام، مع أن الصيام في الأيام، لأن موسى كان صائماً تلك المدة ليلاً ونهاراً مواصلاً وحرمة الوصال على غير الأنبياء، فعبر بالليالي لدفع توهم اقتصاره على صوم النهار فقط، قال المفسرون إن موسى عليه الصلاة والسلام وعد بني إسرائيل إذا أهلك الله تعالى عدوهم فرعون، أن يأتيهم بكتاب من عند الله فيه بيان ما يأتون وما يذرون، فلما أهلك الله فرعون، سأل موسى ربه أن ينزل عليه الكتاب الذي وعد به بني إسرائيل، فأمره أن يصوم ثلاثين يوماً فصامها، فلما تمت أنكر خلوف فمه، فاستاك بعود خرنوب، وقيل أكل من ورق الشجر، فقالت الملائكة كنا نشم من فيك رائحة المسك فأفسدته بالسواك، فأمره الله أن يصوم عشر ذي الحجة، فكان فتنة بني إسرائيل في تلك العشر قوله: (أنكر خلوف فمه) أي كره رائحة فمه من أثر الصوم، وهو بضم الخاء واللام معنا والرائحة. قوله: ﴿ وَأَتْمَمْنَاهَا ﴾ أي المواعدة المأخوذة من قوله: ﴿ وَوَاعَدْنَا ﴾.
قوله: ﴿ أَرْبَعِينَ ﴾ (حال) أي من ميقات. قوله: ﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ ﴾ الواو لا تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً، لأن تلك الوصية كانت قبل ذهابه وصيامه. قوله: ﴿ وَأَصْلِحْ ﴾ (أمرهم) أي أمر بني إسرائيل ولا تغفل عنهم.