قوله: ﴿ يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ ﴾ أي يقيمون حجة قبالة حجة، فليس المراد بالجدال، الجدال في الباطل. قوله: (ظهر لهم) أي تحتم القتال. قوله: ﴿ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ ﴾ أي كأنهم مثل من يساق إلى القتال، وهو ينظر بعينه أسبابه. قوله: (في كراهتهم له) هذا هو وجه المشابهة، وسبب تلك الكراهة قلة عددهم وعددهم، فقد ورد أنهم كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر، والكل رجال، وليس فيهم إلا فرسان. قوله: (بخلاف النفير) أي فإنه كثير العدد والعدد. قوله: (يظهره) جواب عما يقال إن فيه تحصيل الحاصل، وكذا يقال في قوله: ﴿ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ ﴾.
قوله: ﴿ لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ ﴾ ليس مكرراً مع ما قبله، لأن المراد بالأول، تثبيت ما وعد به في هذه الواقعة من النصرة والظفر بالأعداء، والمراد بالثاني، تقوية الدين وإظهار الشريعة مدى الأيام. قوله: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ﴾ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } إما خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فقط، فيكون الجمع للتعظيم، أو خطاب للنبي وأصحابه، روي عن ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال،" لما كان يوم بدر، نظر صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه ماداً يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك "، فنزلت هذه الآية. قوله: (تطلبون منه الغوث) أشار بذلك إلى أن السين والتاء للطلب. قوله: ﴿ مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ ﴾ ورد أن جبريل نزل بخمسمائة وقاتل بها في يسار الجيش وفيه علي، ولم يثبت أن الملائكة قاتلت في وقعة إلا في بدر، وأما في غيرها فكانت تنزل الملائكة لتكثير عدد المسلمين ولا تقاتل. قوله: (يردف بعضهم بعضاً) أي يعقبه في المجيء. قوله: (وعدهم بها أولاً) أشار بذلك إلى الجمع بين ما هنا وبين ما في آل عمران. وقوله: (قرىء) أي شذوذاً. قوله: (كأفلس) أي فأبدلت الهمزة الثانية ألفاً. قوله: ﴿ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾ أي فلا يتوقف على تهيؤ بعدد ولا عدد.


الصفحة التالية
Icon