قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ ﴾ أي دوموا على طاعته وعلى عدم التولي يدم لكم العز الذي حصل ببدر. قوله: ﴿ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ ﴾ إلخ نزلت في جماعة من بني عبد الدار بن قصي، كانوا يقولون: نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد، وتوجهوا مع أبي جهل حاملين اللواء لقتال النبي وأصحابه ببدر، فقتلوا جميعاً، ولم يسلم منهم إلا اثنان، مصعب بن عمير، وسبيط بن حرملة، والدواب في اللغة ما دب على وجه الأرض، عاقلاً أو غيره، وفي العرف، مخصوص بالخيل والبغال والحمير، وفي الآية غاية الذم لهم، بأنهم أشر من الكلب والخنزير والحمير. قوله: ﴿ وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً ﴾ هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم على عدم إيمانهم، ولو حرف امتناع لامتناع، والمعنى امتنع سماعهم الخير، سماع سماع تفهم لامتناع علم الخير فيهم. قوله: ﴿ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ ﴾ هذا ترق في التسلية، والمعنى لو فرض أن الله أسمعهم سماع تفهم، لتولوا وهو معرضون عنه عناداً فلا تحزن على كفرهم، فإن كفرهم ثابت مطلقاً، فهموا الحق أولا، هذا حاصل معنى الآية، واستشكل ظاهرها بأن الآية دلت على القياس، حاصلة لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا، ينتج، لو علم الله فيهم خيراً لتولوا وهو فاسد، إذ لو علم الله الخير فيهم لآمنوا ولم يكفروا، وأجيب بجوابين، الأول: أن الحد المكرر لم يتحد معنى، وشرط الإنتاج اتحاده معنى، لأن المراد بالإسماع الأول الموجب للفهم والإذعان، والإسماع الثاني للفهم من غير إذعان. الثاني: أن الكلام تم عند قوله: ﴿ لأَسْمَعَهُمْ ﴾ وقوله: ﴿ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ ﴾ ترق في التشنيع عليهم، فالمعنى هو لم يؤمنوا ولم ينقادوا عند التفهم على فرض حصوله، فعدم إيمانهم عند عدمه أولوي، نظير لو لم يخف الله لم يعصه، ولكن توليهم عند ظهور الحق عناد وجحود، وعند عدمه جهل.