قوله: ﴿ ٱسْتَجِيبُواْ ﴾ السين والتاء زائدتان للتوكيد. قوله: ﴿ إِذَا دَعَاكُم ﴾ أفرد لأن دعوة الرسول في الحقيقة هي لله، وذكر الرسول أولاً، لأنه المبلغ عن الله، فعدم طاعته مخالفة لله. قوله: ﴿ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ ما إما نكرة وجملة يحييكم صفة، أو اسم موصول وما بعدها صلة، والمعنى لما فيه حياتكم الأبدية. قوله: (من أمر الدين) أي وهو الإيمان والإسلام، وقيل هو القرآن، لأنه حيلة القلوب، وبه النجاة من أهوال الدنيا والآخرة، وقيل هو الحق مطلقاً، وقيل الجهاد في سبيل الله وأتمها ما قاله المفسر. قوله: ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ﴾ أي يفصل بينهما بتصاريفه وأحكامه، وذلك كناية عن كونه أقرب للشخص من قلبه ومن قلبه لذاته، بل هو أقرب من السمع للأذن، ومن البصر للعين، ومن اللمس للجسد، ومن الشم للأنف، ومن الذوق للسان، فشبه القرب بالحيلولة، واستعير اسم المشبه به، وهو الحيلولة للمشبه، وهو القرب واشتق من الحيلولة يحول بمعنى يقرب، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية. قوله: (فلا يستطيع أن يؤمن أو يفكر إلا بإرادته) تقدم أنه لا مفهوم للفكر والإيمان بل السمع والبصر والشم والذوق واللمس في قبضة الله سبحانه، إن شاء أبقاه وإن شاء أذهبه، وإنما خص الإيمان والكفر لأن مناط السعادة والشقوة بهما. قوله: (فيجازيكم بأعمالكم) أي إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. قوله: ﴿ وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً ﴾ أي سبب فتنة وهي المعاصي، فإنها سبب لنزول المصائب الدنيوية. قوله: ﴿ تُصِيبَنَّ ﴾ الجملة صفة لفتنة، و ﴿ لاَّ ﴾ نافية، و ﴿ تُصِيبَنَّ ﴾ فعل مضارع مبني على الفتح، لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وهو واقع في جواب شرط مقدر، قدره المفسر بقوله: (إن أصابتكم) وليس جواباً للأمر، لأن المرتب على تقواها عدم إصابتها أحداً لا خصوصاً ولا عمومياً، وإنما أكد الفعل المضارع المنفي بالنون، إجراء له مجرى النهي، قوله: (بل تعمهم وغيرهم) أي فالظالم لظلمه، وغير الظالم لإقراره وسكوته وعدم نهيه عن المنكر، وفي الحديث ما معناه" مثل الظالم كمثل جماعة في أسفل مركب، ومثل غير الظالم كمثل جماعة في أعلى المركب، فأراد أهل الأسفل أن يخرقوا خرقاً يستقون منه، فإن سلم لهم أهل الأعلى هلكوا جميعاً، وإن قاموا عليهم نجوا جميعاً "قال ابن عباس: إن الله أمر المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم، فيعمهم الله بالعذاب، فيصيب الظالم وغير الظالم، وفي الحديث:" إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم، وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه فإذا فعلوا ذلك، عذب الله العامة والخاصة "، وورد" إذا عمت الخطيئة في الأرض، كان من شهدها فأنكر، كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها، كان كمن شهدها "، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في ذلك، فإذا علمت ذلك، فلا تشكل هذه بقوله تعالى﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾[الأنعام: ١٦٤]، بما علمت أن الساكت على المنكر، مؤخذ بوزر نفسه لا بوزر المباشر.