قوله: ﴿ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ ﴾ رد على المنافقين الذين يزعمون أن رسول الله يأخذ الصدقات لنفسه ولأهل بيته، فبين في هذه الآية المستحقة لها الأصناف الثمانية، ورسول الله وأهل بيته محرمة عليهم، تشريفاً لهم وتطهيراً، والآية من قصر الموصوف على الصفة، أي الصدقات مقصورة على الإتصاف، بصرفها لهؤلاء الثمانية. قوله: (مصروفة) قدره ليتعلق به الجار والمجرور. قوله: (الذي لا يجدون ما يقع موقعاً من كفايتهم) صادق بأن لا يجدون شيئاً أصلاً، أو لا يجدون شيئاً لا يقع الموقع من كفايتهم. قوله: ﴿ وَٱلْمَسَاكِينِ ﴾ (الذين لا يجدون ما يكفيهم) صادق بأن لا يجدوا شيئاً أصلاً، أو يجدوا شيئاً لا يقع الموقع أو يقع، ولكن لا يكفيهم، فالفقير على هذا أسوأ حالاً من المسكين، وهذا مذهب الإمام الشافعي، وعند مالك بالعكس، فالمسكين من لا يملك شيئاً أصلاً، والفقير من عنده شيء لا يكفيه، والمراد بالكفاية عند مالك كفاية سنة، وعند الشافعي كفاية العمر الغالب، وهو ستون سنة. قوله: (من جاب إلخ) أي وهو الذي يجمع الزكوات من أربابها، والقاسم الذي يقسمها على المستحقين، والكاتب الذي يكتب ما أعطاه أرباب الأموال، والعاشر الذي يجمع أرباب الأموال ليأخذ منهم الجابي الزكاة. قوله: (ليسلموا) أي يرجى بإعطائهم إسلامهم. بقوله: (أو يثبت إسلامهم) أي فهم حديثو عهد بالإسلام، فنعطيهم ليتمكن الإسلام من قلوبهم. قوله: (أو يسلم نظراؤهم) أي فهم كبار قبيلة أسلموا، فيعطون ليسلم نظراؤهم من الكفار. قوله: (أو يذبوا عن المسلمين) أي يدفعوا الكفار ويردوهم عن المسلمين، والحال أنهم مسلمون. قوله: (والأول والأخير) أي الكافر ليسلم والذاب عن المسلمين. قوله: (لا يعطيان) هذا ضعيف عندهم، والمعتمد عندهم إعطاء الأول. قوله: (بخلاف الأخيرين) أي الثاني والثالث، وهذا مذهب الشافعي، وعند مالك المؤلفة قلوبهم، إما كفار يعطون ليسلموا، أو مسلمون يعطون ليثبت إسلامهم. قوله: ﴿ وَفِي ٱلرِّقَابِ ﴾ إنما أضيفت الصدقات إلى الأصناف الأربعة الأول باللام، وإلى الأربعة الأخيرة بقي، إشارة إلى أن الأربعة الأول يملكونها ويتصرفون فيها كيف شاؤوا، بخلاف الأربعة الأخيرة فيقيد بما إذا صرفت مصارفها، فإذا لم يحصل نزعت منهم. قوله: (أي الكاتبين) أي ليستعينوا بها على فك رقابهم، وهذا التفسير على مذهب الإمام الشافعي، وعند مالك وأحمد: أن معناه يشترى بها رقيق كامل الرق، ويعتق ولاؤه للمسلمين، وعند أبي حنيفة: يشترى بها بعض رقبة، ويعان بها مكاتب، لأن قوله: ﴿ وَفِي ٱلرِّقَابِ ﴾ يقتضي التبعيض. قوله: (لغير معصية) أي بأن استدانوا المباح، ولو صرفوه في معصية، وهذا مذهب الشافعي، وعند مالك: إذا صرفوه في معصية، لا يعطون منها إلا إذا تابوا. قوله: (أو تابوا) أي ظهرت توبتهم، لا بمجرد قولهم تبناً مثلاً. قوله: (أو لإصلاح ذات البين) أي كأن خيف فتنة بين قبيلتين تنازعتا في قتيل لم يظهر قاتله، فتحملوا الدية تسكيناً للفتنة. قوله: (أي القائمين بالجهاد) إلخ، أي ويشتري منها آلته من سلام ودرع وفرس، ومذهب مالك أن طلبة العلم المنهكين فيه، لهم الأخذ من الزكاة ولو أغنياء، إذا انقطع حقهم من بيت المال، لأنهم مجاهدون. قوله: ﴿ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ ﴾ الإضافة لأدنى ملابسة، أي الملازم للطريق. قوله: (المنقطع في سفره) أي إن كان سفره في غير معصية، وإلا فلا يعطى، ولو خيف عليه الموت ما لم يتب، ويعطى بشرط أن لا يجد مسلفاً، وهو مليء ببلده. قوله: (فلا يجوز صرفها لغير هؤلاء) أخذ ذلك من الحصر وهو محل وفاق. قوله: (ولا يمنع صنف منهم) هذا مذهب الشافعي، وعند مالك: لا يلزم تعميم الأصناف، فاللام في (للفقراء) إلخ، لبيان المصرف لا للاستحقاق. قوله: (فيقسمها الإمام عليهم على السواء) هذا مذهب الشافعي، وعند مالك: لا يلزم ذلك، بل يندب إيثار المضطر. قوله: (لعسره) علة لعدم وجوب الاستغراق. قوله: (الإسلام) هذا في غير المؤلفة قلوبهم. قوله: (وأن لا يكون هاشمياً ولا مطلبياً) هذا مذهب الشافعي، وعند مالك: الذين تحرم عليهم الزكاة بنوا هاشم فقط، وهذا إن كان حقهم من بيت المال جارياً، وإلا فهم أولى من غيرهم، فإعطاؤهم أسهل من تعاطيهم خدمة الذمي والفاجر.