قوله: ﴿ لَقَدْ جَآءَكُمْ ﴾ اللام موطئة لقسم محذوف، أي وعزتي وجلالي ﴿ لَقَدْ جَآءَكُمْ ﴾ إلخ. قوله: ﴿ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ خطاب للعرب، قال ابن عباس: ليس قبيلة من العرب إلا وقد ولدت النبي صلى الله عليه وسلم وله فيها نسب.
﴿ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ بضم الفاء باتفاق السبعة، وقرىء ﴿ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ بفتح الفاء من النفاسة، والمعنى جاءكم رسول من أشرفكم وأرفعكم قدراً، لما في الحديث:" إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار من خيار ". قوله: ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ يصح أن يكون ﴿ عَزِيزٌ ﴾ صفة لرسول، و ﴿ مَا ﴾ مصدرية أو بمعنى الذي، والمعنى يعز عليه عنتكم أو الذي عنتموه، ويصح أن يكون ﴿ عَزِيزٌ ﴾ خبراً مقدماً، و ﴿ مَا عَنِتُّمْ ﴾ مبتدأ مؤخراً. قوله: ﴿ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ﴾ أي يحافظ على هداكم، لتكون لكم السعادة الكاملة. قوله: (أن تهتدوا) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف، أي (حريص على هدايتكم). قوله: ﴿ رَءُوفٌ ﴾ بالمد والقصر، قراءتان سبعيتان، والرؤوف أخص من الرحيم، قال الحسن بن المفضل: لم يجمع الله لأحد من أنبيائه اسمين من أسمائه تعالى، إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، فسماه رؤوفاً رحيماً، وقال:﴿ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾[البقرة: ١٤٣].
قوله: ﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي جميع الخلق، مؤمنهم ومنافقهم وكافرهم. قوله: ﴿ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ﴾ هذا كالدليل لما قبله. قوله: (لابغيره) أخذ هذا الحصر من تقديم المعمول. قوله: (الكرسي) مرور على القول باتحاد العرش مع الكرسي وهو خلاف الصحيح، والصحيح أن العرش غير الكرسي فالعرش جسم عظيم، محيط بجميع المخلوقات، والكرسي أقل منه. قوله: ﴿ ٱلْعَظِيمِ ﴾ بالجر باتفاق السبعة، صفة للعرش، وقرىء شذوذاً بالرفع، صفة للرب. وقوله: (خصه بالذكر) جواب عما يقال: إن الله رب كل شيء، فلم خص العرش بالذكر. قوله: (آخر آية) مراده الجنس، وإلا فهما آيتان، وهذا القول ضعيف لما تقدم أن آخر آية نزلت﴿ وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ﴾[البقرة: ٢٨١] وعلى ما قاله المفسر يكونان مدنيتين، وهو أحد قولين، حكاهما المفسر أول السورة، وهاتان الآيتان بهما الأمان من كل مكروه، وقد ورد: من قراهما، ويكرر الآية الثانية سبعاً صباحاً، وسبعاً مساءً، أمن من كل مكروه حتى الموت، فمن أراد الله موته أنسان قراءتها.