قوله: ﴿ هُنَالِكَ ﴾ إشارة للمكان البعيد، وهو الموقف الذي يدهش العقول. قوله: ﴿ تَبْلُواْ ﴾ أي تختبر وتعلم. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً من التلاوة، أي تقرأ ما أسلفته وقدمته، فتجده مسطراً في صحف الملائكة. قال تعالى:﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ﴾[الإسراء: ١٣]، أو من التلو، أي تتبع وتطلب ما أسلفته من أعمالها، وفي قراءة أيضاً: نبلو بالنون بعدها باء موحدة، أم نختبر نحن، وكل بالنصب مفعول به عليها وهي شاذة. قوله: ﴿ وَرُدُّوۤاْ ﴾ أي المشركون. قوله: (الثابت الدائم) أي الذي لا يقبل الزوال أزلاً ولا أبداً. قوله: ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ أي غاب عنهم افتراؤهم بظهور الحق، فلا ينافي أنهم معهم في النار، وهكذا كل من اعتمد على غير الله يقال له: ﴿ هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ ﴾ الآية، فينبغي للإنسان أن يسعى في خلاص قلبه من الوهم الذي يلجئه إلى الاعتماد على غير الله، من جاه أو مال أو علم أو عمل أو غير ذلك، ليرى الحق حقاً، والباطل باطلاً، فيتبع الحق، ويجتنب الباطل. وبهذا الأمر يتبين الولي من العامي. فالولي يرى الأشياء كلها ظاهراً وباطناً من الله، فهو دائماً مطمئن ساكن مسلم لله في كل ما يفعله، والعامي يعتقد ذلك بقلبه، غير أن الوهم يخيل له أن لغير الله ضراً أو نفعاً، فيكون دائماً في تعب ونصب، وقد أشار العارف لذلك بقوله: وما الخلق في التمثال إلا كثلجة لها صورة لكن تبدت عن الماءفذو الكشف لم يشهد سوى الماء وحده تبدى بوصف الثلج من غير إخفاءومن حجبته صورة الثلج جاهل تغطى عليه الأمر من لمع أضواءقوله: ﴿ قُلْ ﴾ (لهم) ﴿ مَن يَرْزُقُكُم ﴾ إلخ، أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يقيم الحجة على المشركين، ويبطل ما هم عليه من الإشراك، بأسئلة ثمانية، أجاب المشركون عن الخمسة الأولى، وأجاب رسول الله عن الاثنين بعدها بتعليم الله له، وجواب الأخير لم يذكر للعلم به، وقد صرح به المفسر. قوله: ﴿ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ ﴾ أي رزقاً مبتدأ من السماء والأرض. قوله: (بالمطر) أي فهو سبب لإخراج نبات الأرض، فصح كون الرزق من السماء. قوله: ﴿ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ ﴾ أي يخلقه ويحفظه من الآفات في كل لحظة، إذ هو معرض للزوال، لولا حفظ الله ما ثبت. قوله: (بمعنى الإسماع) إنما قال ذلك ليوافق الأبصار. قوله: ﴿ وٱلأَبْصَارَ ﴾ جمع بصر، والمعنى أن الله تعالى هو الخالق للأبصار، الواضع للنور فيها، الذي به الأبصار، وهو الحافظ له. قوله: ﴿ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ ﴾ إلخ. تقدم أن المراد بالحي الإنسان والطير، وبالميت النطفة والبيضة. قوله: ﴿ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ ﴾ عطف عام على خاص، لأن تدبير الأمر عام في كل شيء. قوله: ﴿ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ ﴾ أي جواباً لمن تقدم. قوله: ﴿ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ أي أدمتم على الشرك فلا تتقونه، ويؤخذ من هذا، أن المعرفة ليست هي الإيمان، إذ لو كانت هي الإيمان، لكان إقرارهم بأن الله هو الفعال لهذه الأشياء، توحيداً وإيماناً، بل الإيمان هو حديث للنفس التابع للمعرفة، أي قول النفس: آمنت وصدقت على التحقيق. قوله: (الثابت) أي الذي لا يقبل الزوال أزلاً ولا أبداً. قوله: (استفهام تقرير) المناسب إنكار بدليل قوله: (أي ليس بعده غيره). قوله: (وقع في الضلال) أي الباطل وهو الشرك، لأنه لا واسطة بين الحق والباطل.