قوله: ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا ﴾ اختلف في سبب نزولها، فقيل في اليهود والنصارى، وقيل في المنافقين الذين كانوا يطلبون بغزوهم مع رسول الله الغنائم، لأنهم كانوا لا يرجون ثواب الآخرة، وقيل في المرائين، والحمل على العموم أولى، فيندرج فيه الكافر والمنافق والمؤمن، الذي يأتي بالطاعات على وجه الرياء والسمعة. قوله: ﴿ وَزِينَتَهَا ﴾ أي ما يتزين به فيها، من الصحة والأمن والسعة والرياسة، وغير ذلك. قوله: (بأن أصروا على الشرك) هذا شامل للقولين المتقدمين. قوله: (وقيل هي في المرائين) أي ومعنى قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ ﴾ أي ابتداء، ثم بعد استيفاء ما عليه يخرج منها، ويدل على أن له هذا الوعيد الشديد ما روي،" يقول الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه "، وهذا القول اختاره البيضاوي لحديث:" يقال لأهل الرياء: حججتم وصليتم وتصدقتم وجاهدتم وقرأتم ليقال ذلك، فقد قيل ذلك، ثم قال: إن هؤلاء أول من تسعر بهم النار "رواه أبو هريرة ثم بكى بكاء شديداً، ثم قال: صدق رسول الله ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا ﴾ إلخ. قوله: ﴿ نُوَفِّ ﴾ بالنون مبنياً للفاعل وفيه ضمير يعود على الله، وبالياء مبنياً للمفعول وَ ﴿ أَعْمَالَهُمْ ﴾ بالرفع نائب فاعل، والفاء مشددة على كل حال قراءتان: الأولى سبعية، والثانية شاذة. قوله: (أي جزاء ما عملوه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: (بأن نوسع عليهم رزقهم) أي فهذا جزاء أعمالهم الحسنة في الدنيا، وأما في الآخرة فليس لهم في نظير ذلك شيء، قال تعالى:﴿ وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾[الفرقان: ٢٣] فجزاء الآخرة بالجنة ونعيمها مخصوص إلا العذاب، قال تعالى﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ ﴾[الشورى: ٢٠].
قوله: ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا ﴾ أي في الدنيا من الخيرات.