قوله: ﴿ وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ ﴾ يطلق مفرداً وجمعاً، والمراد هنا المفرد، وكان طولها ثمانين ذراعاً، وعرضها خمسين، وطولها لجهة العلو ثلاثين ذراعاً والذراع إلى المنكب، وهذا أشهر الروايات، وقيل كان طولها ألفاً ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع، وقيل غير ذلك، جعلها ثلاث طبقات، فالسفلى للوحوش والسباع والهوام، وفي الوسطى الدواب والأنعام، وركب هو ومن معه في العليا، وقيل السفلى للدواب والوحوش، والوسطى للإنس والعليا للطير، وأول ما حمله نوح الدرة، وآخر ما حمل الحمار، فلما أراد أن يدخل الحمار، أدخل صدره فتعلق إبليس بذنبه، فاستثقل رجلاه، وجعل نوح يقول: ويحك ادخل، فينهض فلا يستطيع حتى قال له: ادخل ولو كان الشيطان معك فدخ، فقال له نوح: ما أدخلك علي يا عدو الله؟ قال: ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك؟ قال: اخرج عني يا عدو الله، قال: لا بد أن تحملني معك، هكذا قيل، وقيل إنه لم يحمله معه في السفينة وهو الصحيح، لأنه لم يثبت في حمله خبر صحيح، ومكث في صنع السفينة مائتي سنة، مائة في غرس الأشجار، ومائة في عملها وهي من خشب الساج. قوله: (بمرأى منا وحفظنا) دفع بذلك ما يقال إن ظاهره مستحيل لاستحالة الأعين، بمعنى الجارحة المعلومة على الله. فأجيب: بأن أطلق الملزوم وأرد اللازم، لأنه يلزم من كون الشيء بالأعين، أنه مبالغ في حفظه. قوله: ﴿ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ ﴾ أي لا تراجعني في شأنهم، فإن الهلاك لا بد لهم منه، قوله: (حكاية حال ماضية) أي فالمضارع بمعنى الماضي. قوله: ﴿ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ ﴾ الجملة حالية، والتقدير يصنع الفلك، والحال أنه كلما مر الخ استهزؤوا به، أي فقالوا صرت نجاراً بعد أن كنت نبياً، وكان يعمل السفينة في برية لا ماء فيها، واستهزاؤهم إما لكونهم لا يعرفون السفينة ولا الانتفاع بها، أو لكونهم يعرفونها، غير أنهم تعجبوا من صنعه لها في أرض لا ماء بها. قوله: ﴿ فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ ﴾ أي أنتم محل السخرية والاستهزاء، لأن من كان على أمر باطل فهو أحق بالاستهزاء والسخرية، ولا حاجة لكون الكلام من باب المشاكلة. قوله: (موصولة) أي وعلم عرفانية تنصب مفعلاً واحداً، ويصح أن تكون استفهامية، وعلم على بابها من كونها متعدية لاثنين، ويكون الثاني محذوفاً. قوله: ﴿ عَذَابٌ ﴾ أي وهو الغرق. قوله: (غاية للصنع) أي في قوله ويصنع الفلك.