قوله: ﴿ وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ ﴾ وكان من حجارة ورثه من أمه حواء، والأشهر أنه كان بالكوفة، على يمين الداخل مما يلي باب كندة، والتنور مما انفق فيه لغة العرب والعجم كالصابون. قوله: (للخباز) أي وهي امرأة نوح، وكان فورانه وقت طلوع الفجر. قوله: (وكان ذلك) أي فوران التنور وغليانه. قوله: (علامة لنوح) أي على الطوفان، وكان في ثالث وعشرين من أبيب في شدة القيظ. قوله: ﴿ مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ﴾ المراد بالزوجين كل اثنين، لا يستغني أحدهما عن الآخر، كالذكر والأنثى وقال لكل منهما زوج، والمعنى من كل صنف زوجين ذكر وأنثى، قال الحسن: لم يحمل نوح معه إلا ما يلد أو يبيض، وأما ما سوى ذلك ما يتولد من الطين كالبق والبعوض، فلك يحمل منه شيئاً، وروى بعضهم: أن الحية والعقرب أتيا نوحاً وقالا: احملنا معك، فقال: إنكما سبب البلاء أحملكما، فقال: احملنا ونحن نضمن لك أن لا نضر أحداً ذكرك، فمن قرأ حين يخاف مضرتهما:﴿ سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي ٱلْعَالَمِينَ ﴾[الصافات: ٧٩]، لم يضر. قوله: (وهو مفعول) أي لفظ اثنين، وقوله: ﴿ مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ﴾ حال منه مقدم عليه. قوله: (أي زوجته) اي التي أسلمت، لأنه كان له زوجتان، إحداهما آمنت فحملها، والأخرى لم تؤمن فتركها. قوله: (وأولاده) أي الثلاثة وزوجاتهم. قوله: ﴿ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ ﴾ أي القضاء بالغرق. قوله: (أي منهم) أخذ هذا التقييد من سورة المؤمنون. قوله: (وهو زوجته) أي التي لم تؤمن واسمها واعلة، وقيل واعكة، ورد أنه قبل مجيء الطوفان بأربعين سنة أصيبوا بالعقم، فلم يلدوا في تلك المدة، كي لا تصيبهم الرحمة من أجل وجود، الصغار بينهم. قوله: (بخلاف سام) وهو أبو العرب، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك. قوله: (ثمانون) أي اثنان وسبعون من الأمة، وهو وأولاده الثلاثة وزوجاتهم. قوله: ﴿ وَقَالَ ٱرْكَبُواْ ﴾ خطاب لمن معه. قوله: ﴿ بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ حال من الواو في اركبوا، والتقدير قائلين بسم الله إلخ. وبسم الله خبر مقدم، وقوله: ﴿ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ مبتدأ مؤخر، روي أنه كان إذا أراد أن تجري قال: بسم الله، فجرت، وإذا أراد أن ترسو قال: بسم الله فرست. قوله: (بفتح الميمين) سبق قلم إذ فتح مرساها شاذ، فالصواب أن يقول بضم الميمين، أو فتح الأولى مع ضم الثانية. قوله: (مصدران) راجع لكل من الفتح والضم. قوله: (أي جريها) هذا يناسب الفتح، وأما الضم فيقال في تفسيره، أي إجراؤها وإرساؤها. قوله: ﴿ كَٱلْجِبَالِ ﴾ روي أن الله أرسل المطر أربعين يوماً وليلة، وخرج الماء من الأرض، قال تعالى﴿ فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ﴾[القمر: ١١-١٢] وارتفع الماء على أعلى جبل وأطوله أربعين ذراعاً، حتى أغرق كل شيء، وروي أنه لما كثر الماء في السكك خافت أم صبي على ولدها من الغرق، وكانت تحبه حباً شديداً، بخرجت به إلى الجبل حتى بلغت ثلثه لحقها الماء، فارتفعت حتى بلغت ثلثيه، فلما لحقها الماء ذهبت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبتها رفعت الصبي بيديها حتى ذهب بهما الماء فأغرقهما، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أم الصبي، ولا ينافي ما تقدم من أنهم أصابهم العقم أربعين سنة، لجواز أن يكون هذا الولد ابن أكثر من أربعين. قوله: ﴿ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ ﴾ أي قبل سير السفينة. قوله: ﴿ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ ﴾ الجملة حالية من ضمير ابنه، وقوله: ﴿ يٰبُنَيَّ ﴾ إلخ، هذه هو المنادى به بثلاث ياءات الأولى ياء التصغير، والثانية لام الكلمة، والثالثة ياء المتكلم، تحركت ياء المتكلم وانفتح ما قبلها، قلبت ألفاً فالتقى ساكنان، حذفت لالتقائهما، وأدغمت إحدى الياءين في الأخرى، فيقرأ بفتح الياء وكسرها قراءتان سبعيتان، وقوله: ﴿ ٱرْكَبَ مَّعَنَا ﴾ بإظهار الياء وإدغامها في الميم سبعيتان. قوله: ﴿ وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ ﴾ أي في البعد عن الركوب معنا، إن قلت: لا يخلو الحال، إما إن يكون هذا الولد مسلماً أو كافراً، فإن كان مسلماً فيبعده كونه في معزل، وإن كان كافراً، فلم عطف عليه وناداه مع علمه بكفره؟ أجيب: بأنه ذكر العلماء أنه كان منافقاً، يظهر الإسلام ويخفي الكفر، فعند مجيء الطوفان أظهر ما كان يخفيه، ولا مانع من كون الله يخرج الكافر من المؤمن وبالعكس، وهذا الولد قيل كان من صلبه وهو الراجح، وقيل ابن زوجته من نكاح غيره، وقيل كان ولد خبث، ولدته زوجته على فراشه ولم يعلم به، وهذا القول غير وجيه، لقول ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط.