قوله: ﴿ وَإِلَىٰ ثَمُودَ ﴾ عطف على قوله:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً ﴾[هود: ٢٥] عطف قصة على قصة، وقدر المفسر (أرسلنا) إشارة إلى أن قوله أرسلنا الأول مسلّط عليه، فهو من عطف الجمل، وثمود هنا يمنع الصرف باتفاق القراء العشرة، وقرىء شاذاً بالصرف، بخلاف ما يأتي في قوله:﴿ أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ ﴾[هود: ٦٨] فبالصرف وعدمه قراءتان سبعيتان، وثمود اسم أبي القبيلة، سميت باسمه لشهرته، وبين صالح وبينه خمسة أجداد، وبين صالح وهو مائة سنة، وعاش صالح مائتي سنة وثمانين سنة. قوله: ﴿ هُوَ أَنشَأَكُمْ ﴾ هذا دليل على كونه هو المستحق للعبادة دون غيره. قوله: ﴿ مِّنَ ٱلأَرْضِ ﴾ أي مباشرة أو بواسطة، فالأول كخلق أبينا آدم منها، والثاني كخلق مواد النطف التي منها النوع الإنساني. قوله: (جعلكم عماراً تسكنون بها) أي خلفاء في الأرض، ويصح أن يكون المعنى جعلكم معمرين لها بعد أن خربت. قوله: ﴿ فَٱسْتَغْفِرُوهُ ﴾ أي من الذنوب التي مضت. قوله: ﴿ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ ﴾ أي أقلعوا عن الذنوب في المستقبل. قوله: (بعلمه) أي فالمراد قرب مكانة ورفعة، والمعنى أن الله قريب من خلقه قرباً معنوياً، منزهاً عن الإحاطة والجهة، فهو أقرب من نور العين لها، ومن سمع الأذن لها، ومن لمس الجسم له، ومن الأنف له سبحانه وتعالى: ﴿ مُّجِيبٌ ﴾ أي فلا يخيب سائلاً. قوله: (نرجو أن تكون سيداً) أي لأنه كان يعين ضعيفهم ويعطي فقيرهم، وكانوا يرجعون إليه في الأمور قبل تلك المقالة، فلما حصلت قالوا قد انقطع رجاؤنا فيك. قوله: (الذي صدر منك) أي وهو نهيهم عن عبادة الأوثان. قوله: ﴿ أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ ﴾ أي أتنهانا عن عبادة الذي كان يعبده آباؤنا، قوله: (من الأوثان) بيان لما. قوله: ﴿ وَإِنَّنَا ﴾ هذه هو الأصل، ويصح وإنا بنون واحدة مشددة ولذا قرىء به في سورة إبراهيم. قوله: ﴿ مُرِيبٍ ﴾ وصف لشك والإسناد مجازي، وحق الإسناد لصاحبه. قوله: (موقع في الريب) أي الدائم. قوله: ﴿ أَرَأَيْتُمْ ﴾ أي أخبروني. قوله: ﴿ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةً ﴾ أتى بإن مشاكلة، لاعتقادهم فيه ومسايرة لخطابهم. قوله: (بيان) أي برهان وحجة واضحة. قوله: (أي عذابه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: ﴿ إِنْ عَصَيْتُهُ ﴾ أي على فرض وقوع المعصية مني، وإلا فهي مستحيلة عليه، كبيرها وصغيرها، قبل النبوة وبعدها. قوله: (بأمركم لي بذلك) أي بعصيانه وموافقتكم. قوله: (تضليل) أي لي إن اتبعتكم، والمعنى أخبروني إن كنت على بينة ونبوة من ربي، فلا أحد يمنعني من عذاب الله إن اتبعتكم وعصيته، وحينئذ أكون خاسراً مضيعاً لما أعطاني الله من الحق، وهل رأيتم نبياً صار كافراً، وكل هذا تنزل منه لهم.


الصفحة التالية
Icon