قوله: ﴿ أَمْرُ رَبِّكَ ﴾ أي قضاؤه وحكمه. قوله: (غير مردود) أي غير مصروف عنهم، فإنه قضاء مبرم لا محيص عنه. قوله: ﴿ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا ﴾ أي الملائكة الذين كانوا عند إبراهيم، والمعنى أنهم ارتحلوا من عند إبراهيم حتى أتوا قرية لوط، وتسمى سدوم بلد بحمص، وبينها وبين الخليل أربعة فراسخ، نصف النهار، فوجدوا لوطاً يعمل في أرض له، وقيل كان يحتطب، وقد قال الله للملائكة لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات، فاستضافوه فانطلق بهم، فلما مشى بهم ساعة قال لهم: أما بلغكم أمر هذه القرية؟ قالوا: وما أمرها؟ قال: أشهد بالله أنها أشر قرية في الأرض عملاً، قال ذلك أربع مرات، فمضوا معه حتى دخلوا منزله، وقيل إنه مر مع الملائكة على جماعة من قومه، فتغامزوا فيما بينهم، فقال لوط: إن قومي شر خلق الله، فقال جبريل: هذه واحدة، فمر على جماعة أخرى فتغامزوا، فقال مثله، ثم مر على جماعة أخرى ففعلوا ذلك، فقال لوط مثل ما قال أولاً، حتى قال ذلك أربع مرات، وكلما قال لوط هذا القول، قال جبريل للملائكة اشهدوا، وقيل إن الملائكة جاؤوا إلى بيت لوط، فوجدوه في داره، فدخلوا عليه ولم يعلم أحد بمجيئهم إلا أهل بيت لوط، فخرجت امرأته الخبيثة فأخبرت قومها وقالت: إن في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط ولا أحسن منهم. قوله: ﴿ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً ﴾ الأصل فيه، أن البعير يذرع بيده في سيره ذرعاً على قدر سعة خطوته، فإذا حمل عليه ضعف ومد عنقه وضاق ذرعه، فأطلق الذرع وأريد منه الصدر، فالمراد ضاق صدره، لعدم الخلاف من ذلك المكروه. قوله: (فخاف عليهم قومه) منصوب بنزع الخافض أي من قومه. قوله: ﴿ عَصِيبٌ ﴾ مأخوذ من العصب وهو الشدة، ومنه العصابة التي يشد بها الرأس. قوله: (لما علموا بهم) أي إما لأنهم رأوهم مع لوط في الطريق، أو أعلمتهم زوجته.