قوله: ﴿ وَ ﴾ (اذكر) أي يا محمد وقت رفع إبراهيم القواعد. قوله: ﴿ ٱلْقَوَاعِدَ ﴾ جمع قاعدة وهي حجارة كبار كل حجر قدر البعير، والمراد برفع القواعد بناء البيت ورفعه عليها. قوله: (الأسس) جمع أساس وهي القواعد وقوله: (والجدر) جمع جدار وهي الأسس فالعطف مرادف. وقصة بناء البيت أن الله لما خلق الماء قبل الأرض بألفي عام، كان ذلك البيت زبدة بيضاء على وجه الماء، فدحيت الأرض وبسطت وامتدت من تلك الزبدة، فلما أهبط آدم إلى الأرض استوحش إلى ذكر الله، فأنزل الله البيت المعمور وهو من ياقوتة حمراء له بابان من زمردة خضراء، باب بالمشرق وباب بالمغرب، ووضع موضع الزبدة فكان يأتيه ماشياً من الهند، ورد أنه حجه ماشياً أربعين عاماً فلما فرغ قالت الملائكة: لقد بر حجك يا آدم، فلما جاء الطوفان أمر برفعه إلى السماء السابعة فكان موضع البيت خالياً إلى زمن إبراهيم، وبعث الله جبريل حين رفعه فخبأ الحجر الأسود في جبل أبي قبيس صيانة له من الغرق هكذا قيل، والمشهور أن أول من بناه الملائكة ثم آدم ثم شيث، واستمر حتى جاء طوفان نوح فأذهب رسومه الظاهرية لا قواعده لأنها ثابتة متصلة بالأرض السابعة، ثم أتى جبريل بالحجر الأسود وألقمه جبل أبي قبيس، فلما أتى إبراهيم وأراد بناءه جاءه جبريل وحدده له وأعلمه بالحجر فبناه على طبق ما رأى من القواعد، ثم بناه بعده العمالقة ثم جرهم ثم قصي ثم قريش، وكان الواضع للحجر الأسود في محله النبي صلى الله عليه وسلم، وقصر بهم النفقة فلم يتموا بناءه على قواعد إبراهيم بل نقضوه وأخرجوا الحجر منه، ثم ابن الزبير وقد رده لقواعد إبراهيم مستدلاً بحديث عن عائشة: لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت البيت على قواعد إبراهيم، ثم لما تولى الحجاج عامله الله بعد له حارب ابن الزبير وقتله وهدم البيت بالمنجنيق وبناه كما بنته قريش وهو الآن على بنائه، ونظمهم بعضهم فقال: بنى بيت العرش عشر فخذهم   ملائكة الله الكرام وأدمفشيث فإبراهيم ثم عمالق   قصي قريش قبل هذين جرهموعبد الإله بن الزبير بني كذا   بناء لحجاج وهذا متممقوله: (يقولان) قدره المفسر ليصح جعل الجملة حالاً من إبراهيم وإسماعيل، لأن الجملة الإنشائية لا تقع حالاً إلا بتقدير، وعبر بالمضارع في يرفع استحضاراً للحال الماضية لعظم شأنه كأنه حصل الآن وهو يحدث عنه. قوله: (القول) أي دعائنا. قوله: (بالفعل) أي بنائنا. قوله: (منقادين) أي كاملين في الأنقياد لأن الكامل يقبل الكمال، وليس المراد طلب أصل الإسلام لأن الأنبياء معصومون عن كل معصية سيما الكفر. قوله: (جماعة) أي وهو الأصل الكثير وتطلق على المقتدى به كقوله تعالى:﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ﴾[النحل: ١٢٠] وتطلق على الملة، قال تعالى:﴿ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ ﴾[الزخرف: ٢٢] قوله: ﴿ وَأَرِنَا ﴾ رأى عرفانية تنصب مفعولاً واحداً ودخلت عليها الهمزة فتعدت لاثنين، فنا مفعول أول ومناسكنا مفعول ثان. قوله: ﴿ ٱلتَّوَّابُ ﴾ أي كثير القبول لتوبة من تاب، ويوصف العبد بذلك الوصف بمعنى كثير التوبة والرجوع عن القبائح والرذائل. قوله: ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ أي عظيم الرحمة وهي الإنعام أو إرادته. قوله: (تواضعاً) أي أو طلباً للإرتقاء من مقام أعلى مما هما فيه. قوله: (أهل البيت) أي بيت إبراهيم وهم ذريته، ولم يأت نبي من ذرية إبراهيم وإسماعيل إلا نبينا صلى الله عليه وسلم وأما الغالب فمن ذرية إسحاق. قوله: ﴿ وَٱلْحِكْمَةَ ﴾ هي العلم النافع. قوله: (الغالب) أي الذي أمره نافذ. قوله: ﴿ ٱلحَكِيمُ ﴾ هو الذي يضع الشيء في محله.


الصفحة التالية
Icon