قوله: ﴿ مِن سُوۤءٍ ﴾ أي خيانة. قوله: ﴿ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ﴾ هذا إقرار منها بالحق، والحامل لها على ذلك كون يوسف راعى جانبها حيث قال﴿ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ﴾[يوسف: ٥٠] إلخ، ولم يذكرها، مع أن الفتن كلها إنما نشأت من جهتها، فكافأته بأن اعترفت بأن الذنب منها. قوله: (وضح) أي اتضح. قوله: (فأخبر يوسف بذلك) أي بجواب النسوة المذكور. قوله: (فقال) أي يوسف وهذا أحد قولين، وقيل إن. قوله: ﴿ ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ ﴾ من كلام زليخا، ويكون المعنى: ذلك الذي قلته ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه، وجئت بما هو الحق الواقع، ما أبرىء نفسي من الخيانة، إن النفس لإمارة بالسوء، إلا نفساً رحمها الله بالعصمة كنفس يوسف. قوله: ﴿ لِيَعْلَمَ ﴾ (العزيز) أي زوج زليخا. قوله: (حال) أي إما من الفاعل أي وأنا غائب عنه، أو من المفعول أي وهو غائب عني. قوله: ﴿ كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ ﴾ أي لا يسدده. قوله: (ثم تواضع لله) أي فوقع منه هذا القول على سبيل التواضع، وإلا فيستحيل في حقه أن تأمره نفسه بالسوء لعصمته. قوله: ﴿ وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ ﴾ هذه الجملة حالية من محذوف، والتقدير طلبت البراءة ليعلم إلخ، والحال أني لم أقصد بذلك تنزيه نفسي ولا براءتها إلخ. قوله: (الجنس) أي جنس النفوس. قوله: (كثيرة الأمر) أي لصاحبها، واعلم أن النفس واحدة ولها صفات، فأول أمرها تكون أمارة بالسوء، تدعو إلى الشهوات وتميل إليها ولا تبالي، وهذه نفس الكفار والعصاة المصرين، فإذا أراد الله لها الهدى، جعل لها واعظاً يأمرها وينهاها، فحينئذ تصير لوامة، تلوم صاحبها على ارتكاب الرذائل، فينشأ عن ذلك مجاهدته وتوبته ورجوعه لخالقه، فإذا كثر عليها ذلك واستمر، صارت مطمئنة ساكنة، تحت قضاء الله وقدره راضية بأحكامه، فتستحق من الله العطايا والتحف، قال تعالى:﴿ يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ * ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي * وَٱدْخُلِي جَنَّتِي ﴾[الفجر: ٢٧-٣٠] وهذا مقام الواصلين، وقيل ذلك يسمى مقام السائرين.


الصفحة التالية
Icon