قوله: ﴿ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ ﴾ هذا هو جواب القسم. قوله: ﴿ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ﴾ استثناء من عموم الأحوال، والتقدير لتأتنني به في كل حال، إلا حال الإحاطة بكم. قوله: ﴿ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ ﴾ أي بقولهم: بالله رب محمد لنأتينك به، والموثق العهد المؤكد باليمين قوله: ﴿ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ﴾ أي وكانت أبواب مصر إذ ذاك أربعة. قوله: (لئلا تصيبكم العين) إنما خاف عليهم العين، لكمالهم وقوتهم واشتهارهم بين أهل مصر، بإكرام الملك لهم واحترامهم، فأمرهم بالتفرق ليسلموا من إصابة العين، فإنها كما قال أهل السنة، سبب عادي للضرر كالسم والسيف، يوجد الضرر عندها لا بها، وقالت الفلاسفة: إن العائن ينبعث من عينه قوة سمية نتصل بالمعيون، فيهلك أي يفسد، فأثبتوا للعين تأثيراً بنفسها، وهو كلام باطل واعتقاده كفر، وأعظم نافع في الرقى من العين سورتا المعوذتين. قوله: ﴿ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾ أي من قضائه. قوله: (وإنما ذلك) أي القول قوله: (شفقة) أي رأفة بكم، إن قلت: لم أمرهم بذلك في هذه المرة، ولم يأمرهم في المرة الأولى؟ أجيب بجوابين: الأول لكون معهم بنيامين وهو عزيز عليه، فخاف عليهم من أجل كونه معهم، والثاني أنهم اشتهروا في مصر بأنهم أولاد رجل واحد، وفيهم نور النبوة والشهامة والجمال، سيما وقد كانوا عند الملك بمنزلة، بخلاف المرة الأولى. قوله: ﴿ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ﴾ أي فوضت أموري واعتمدت عليه، لا على ما أمرتكم به، لأن الأخذ في الأسباب مع التوكل، أفضل من ترك الأسباب.