قوله: (ما غاب وما شاهد) أي ما غاب عنا وما شوهد لنا، وإلا فكل شيء بالنسبة له مشاهد، فلا فرق بين ما في أعلى السماوات وما في تخوم الأرضين. قوله: ﴿ ٱلْكَبِيرُ ﴾ الذي يصغر كل شيء عنده ذكره، وليس المراد به كبر الجثة، إذ هو مستحيل عليه تعالى، فالمراد الكبير المتصف بكل كمال أزلاً وأبداً. قوله: ﴿ ٱلْمُتَعَالِ ﴾ أي المنزه عن كل نقص. قوله: (بياء ودونها) أي فهما قراءتان سبعيتان في الوصل والوقف، وأما في الرسم فالياء محذوفة لا غير. قوله: ﴿ سَوَآءٌ مِّنْكُمْ ﴾ إلخ.
﴿ سَوَآءٌ ﴾ خبر مقدم، و ﴿ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ﴾ مبتدأ مؤخر، ولم يثن الخبر لأنه في الأصل مصدر، وهو لا يثنى ولا يجمع، و ﴿ مِّنْكُمْ ﴾ حال من الضمير المستتر في ﴿ سَوَآءٌ ﴾ لأنه بمعنى مستو. قوله: (في علمه تعالى) أي فهو يعلم الجميع على حد سواء، لا يتفاوت من جهر على من أسر. قوله: ﴿ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ ﴾ أي في نفسه فلم يسمعه غيره. قوله: ﴿ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ﴾ أي سمعه غيره، والمعنى سواء ما اضمرته القلوب، وما نطقت به الألسنة. قوله: ﴿ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ ﴾ أي وسواء من استخفى في ظلام الليل، ومن هو ظاهر في النهار، لأنه الخالق لليل وظلمته، والنهار ونوره، وما تفعله العبيد فيهما من خير وشر، وهذه الآية من تدبرها وعمل بمقتضاها أورثته الإخلاص في أعماله، فيستوي عنده إسرار العبادة وإظهارها، ليلاً أو نهاراً والمراقبة، لأنه إذا علم أن هذه الأشياء مستوية عنده، ولا يخفى عليه شيء منها، فلا يستطيع أن يقدم على ما نهى عنه، ولا ظاهراً ولا باطناً. قوله: (في سربه) بفتح السين وسكون الراء، يقال سرب في الأرض سروباً ذهب فيه ذهاباً؛ والسرب بفتحتين بيت في الأرض لا منفذ له وهو الوكر، وليس مراداً هنا، بل المراد الطريق الظاهرة، وهي بفتح السين وسكون الراء.


الصفحة التالية
Icon