قوله: ﴿ إِنَّمَا سُكِّرَتْ ﴾ بالتخفيف والتشديد، قراءتان سبعيتان. قوله: (سدت) أي فيقال سكرت النهر، من باب قتل سدته، والسكر بالكسر ما يسد به، والمعنى بسد أبصارنا عن محسوساتنا المعتادة بتلك التخيلات. قوله: ﴿ بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ ﴾ إضراب انتقالي عما أفاده أولاً من خصوص سحر العين بالحصر، والمعنى أنهم يقولون: إنما سدت أبصارنا، فخيل لها أمر لا حقيقة له، ولم يتجاوزها لقلوبنا، ثم أضربوا عن ذلك، وجعلوا السحر واصلاً لقلوبهم. قوله: ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً ﴾ هذا من أدلة توحيده سبحانه وتعالى، والبروج جمع برج، والمراد منازل وطرق تسير فيها الكواكب السبعة. قوله: (اثني عشر برجاً) أي وقد جمعها بعضهم في قوله: حمل الثور جوزة السرطان ورمى الليث سنبل الميزانورمى عقرب بقوس الجدي نزح الدلو بركة الحيتانقوله: (وهي منازل الكواكب) أي محل سيرها. قوله: (المريخ) بكسر الميم نجم في السماء الخامسة، وقد جمع الكواكب بعضهم في قوله: زحل شرى مريخه من شمسه فتزاهرت لعطارد الأقمارفزحل في السماء السابعة، والمشتري في السادسة، والمريخ في الخامسة، والشمس في الرابعة، والزهرة في الثالثة، وعطارد في الثانية، والقمر في الأولى، وهي سماء الدنيا. قوله: (والشمس ولها الأسد) أي بيتها المنسوب لها، فلا ينافي أنها تسير في البروج كلها، المتقسمة لثمان وعشرين منزلة، لكل برج منزلتان وثلث، وتقطعها الشمس في سنة، والقمر في شهر، وقد جعل الله بهذه الكواكب، النفع في العالم السفلي، كالأكل والشرب، يوجد النفع عندها لا بها، فهي أسباب عادية. قوله: ﴿ وَزَيَّنَّاهَا ﴾ (بالكواكب) أي جعلنا الكواكب زينة للسماء، وهل الكواكب في السماء الدنيا، أو ثوابت في العرش، قولان للعلماء. قوله: ﴿ لِلنَّاظِرِينَ ﴾ أي المتأملين بأبصارهم وبصائرهم. قوله: ﴿ وَحَفِظْنَاهَا ﴾ أي السماء. قوله: ﴿ مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴾ أي وذلك لأن الشياطين كانوا لا يحجبون عن السماوات، فيدخلونها ويأتون بأخبارها إلى الكهنة، فلما ولد عيسى، منعوا من ثلاث سماوات، ولما ولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منعوا من السماوات كلها، ولما بعث رميت عليهم الشهب، فكانت تخطىء وتصيب، فلما عرج به صلى الله عليه وسلم صارت لا تخطئهم أبداً.