قوله: (ويقال لهم) أي إذا ارادوا الانتقال من محل إلى آخر، وإلا فهم مستقرون فيها، فأمرهم حينئذ بالدخول، تحصيل حاصل، والقائل يحتمل أن يكون الملائكة أو الله تعالى. قوله: ﴿ بِسَلامٍ ﴾ الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الواو في ادخلوا، أي ادخلوها حال كونكم مصحوبين بسلامة من الله من جميع المخاوف والمكاره، وهذا على المعنى الأول الذي ذكره المفسر، ويقال على المعنى الثاني: ادخلوها مصحوبين بسلام من بعضكم لبعض، ومن الملائكة، أي يسلم بعضكم على بعض، وتسلم الملائكة عليكم. (أي سلموا) تفسير للمعنى الثاني. قوله: ﴿ آمِنِينَ ﴾ قدر المفسر (ادخلوا) إشارة إلى أنه حال ثانية، وهي مرادفة للأولى، ولا حاجة لهذا التقدير. قوله: (من كل فزع) أي ومنه زوال ما هم فيه من النعيم المقيم، وقوله: ﴿ بِسَلامٍ آمِنِينَ ﴾ زيادة في سرور أهل الجنة، لأن النعيم إذا لوحظ فيه عدم الانقطاع، كان في غاية السرور، ولا شك أن الجنة كذلك، بخلاف الدنيا، فإن نعيمها ملاحظ فيه الانقطاع عند حصوله، فلذلك كانت دار هم وغم. قوله: ﴿ مِّنْ غِلٍّ ﴾ الغل هو من أمراض القلب، كالحسد والكبر والعجب والشحناء والبغضاء، روي أن المؤمنين يوقفون على باب الجنة وقفة، فيقتص بعضهم من بعض، ثم يؤمر بهم إلى الجنة، وقد نقى الله قلوبهم من الغل والغش والحقد والحسد، فهم يحبون بعضهم بحبهم لربهم، وشأن المحب أن لا يكون لمحبوبه غل في قلبه، بل بينهم الصفاء والوفاء. قوله: (حال من هم) أي من ضمير صدورهم من غل، حال كونهم متآخين في المودة والمحبة. قوله: ﴿ عَلَىٰ سُرُرٍ ﴾ جمع سرير وهو كما قال ابن عباس: من ذهب مكلل بالزبرجد والدر والياقوت، والسرير مثل ما بين صنعاء إلى الجابية. قوله: (حال أيضاً) أي من الضمير في ﴿ إِخْوَٰناً ﴾.
قوله: (لدوران الأسرة بهم) أي أنهم إذا اجتمعوا وتلاقوا، ثم أرادوا الانصراف، يدور سرير كل واحد منهم، بحيث يبقى مقابلاً بوجهه لمن كان عنده، وقفاه إلى الجهة التي يسير لها السرير، وهذا أبلغ في الأنس والإكرام.


الصفحة التالية
Icon