قوله: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ ﴾ فسر المفسر الطائر بالعمل، وفسره غيره بالكتاب، وإليه يشير بقول مجاهد: وسمي العمل طائراً، إما لأن العرب إذا أرادوا فعل أمر، نظروا إلى الطير إذا طار، فإن طار متيامناً، قدموا على ذلك الأمر، وعرفوا أنه خير، وإن طار متياسراً، تأخروا وعرفوا أنه شر، فلما كثر ذلك منهم، سموا نفس الخير والشر بالطائر، تسمية للشيء باسم لازمه. قوله: (خص بالذكر لأن اللزوم فيه أشد) أي ولأن العنق إما محل الزينة كالقلادة ونحوها، أو للشين كالأغلال ونحوها، فإن كان عمله خيراً، كان كالقلادة في عنقه، وهو مما يزينه، وإن كان شراً، كان كالغل في عنقه، وهو ما يشينه. قوله: (مكتوب فيها شقي أو سعيد) خص مجاهد السعادة والشقاوة، وإن كان الرزق والأجل فيقضيان بموته. قوله: ﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً ﴾ قال الحسن: بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ عليك سيئاتك، حتى إذا مت، طويت صحيفتك وجعلت معك في قبرك، حتى تخرج لك يوم القيامة. قوله: ﴿ ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ ﴾ روي أن الإنسان يقرأ كتابه، وإن لم يكن قارئاً في الدنيا. قوله: ﴿ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ﴾ الباء زائدة في فاعل كفى، و ﴿ حَسِيباً ﴾ تمييز، و ﴿ عَلَيْكَ ﴾ متعلق به، ، وحسيباً بمعنى حاسب أو كاف أو محاسب كما قال المفسر، والمعنى أنه يكتفي بمحاسبة الشخص لنفسه، فلا يحتاج لأحد يحاسبه، بل إذا أنكر، تشهد عليه أعضاؤه بما علمت، ثم ما مشى عليه المفسر، من أن المراد بالطائر، العمل يكتب ويوضع في عنقه وهو في بطن أمه، فيلزمه ما دام في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة، يخرج له كتاباً من خزانة تحت العرش، وهو الصحيفة التي كانت الملائكة تكتبها عليه في الدينا، فيأخذها إما بيمينه إن كان مسلماً، أو بشماله إن كان كافراً، فيقابله على ما في عنقه، هو أحد تفسيرين في الآية، والآخر أن الكتاب واحد، تكتبه الملائكة عليه ما دام في الدنيا، فإذا مات طوي ووضع تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة، أخرج من تلك الخزانة وألزمه في عنقه، فيكون معنى ألزمناه طائره في عنقه، أي في يوم القيامة عند تطاير الصحف، ويكون عطف قوله: ﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾ على ما قبله من عطف السبب على المسبب.