قوله: ﴿ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ ﴾ أي فإنما تعود منفعة اهتدائه إلى نفسه لا تتعداه إلى غيره. قوله: ﴿ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾ أي فإنما وبال ضلاله على نفسه، لا على من عداه ممن لم يباشر، وهذا تحقيق معنى قوله تعالى:﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ ﴾[الإسراء: ١٣].
قوله: ﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾ أي لا تحمل نفس مذنبة، بل ولا غير مذنبة، ذنوب نفس أخرى. إن قلت: ورد في الحديث" من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة "فمقتضاه أنه يحمل وزره فيكون منافياً لهذه الآية. أجيب: بأن المراد بالوزر الذي يحمله في الحديث وزر التسبب، ولا شك أن التسبب من فعل الشخص، ومع ذلك فلا ينقص من وزر الفاعل شيء، فالمتسبب الفاعل يعاقب على فعله وتسببه، والفاعل بدون تسبب يعاقب على فعله فقط. قوله: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ ﴾ أي ولا مثيبين على الأعمال، لأن شرط صحة العبادات ووجوبها بلوغ الدعوة، فمن لم تبلغه الدعوة، لا تجب عليه عبادة، ولا تصح منه، لو فعلها فلا يثاب عليها، وعموم هذه الآية، يدل على أن أهل الفترة جميعاً ناجون بفضل الله، ولو غيروا وبدلوا، وما ورد من تخصيص بعض أفراد، كحاتم الطائي وامرىء القيس بدخولهم النار، فهي أحاديث آحاد لا تعارض الققطعي. قوله: ﴿ مُتْرَفِيهَا ﴾ الترفه بالضم النعمة والطعام الطيب والشيء الظريف. قوله: (منعميها) أي المنهمكين في شهواتها، الغافلين عن الآخرة. قوله: (بالطاعة) متعلق بأمرنا. قوله: (بإهلاك أهلها) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف، أي دمرنا أهلها. قوله: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا ﴾ كم خبرية منصوبة بأهلكنا، و ﴿ مِنَ ٱلْقُرُونِ ﴾ تمييز لكم. قوله: ﴿ مِن بَعْدِ نُوحٍ ﴾ خص بالذكر لأنه أول من كذبه قومه. قوله: ﴿ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ ﴾ الباء زائدة في الفاعل، و ﴿ خَبِيرَاً بَصِيراً ﴾ يمييزان، و ﴿ بِذُنُوبِ ﴾ متعلق بخبيراً بصيراً، وقوله: (عالماً ببواطنها وظواهرها) لف ونشر مرتب، فالعلم بالبواطن هو معنى الخبير، وبالظواهر هو معنى البصير. قوله: (وبه يتعلق بذنوب) هكذا في النسخ التي بأيدينا، ولعل فيه تحريفاً، والأصل بذنوب متعلق بخبيراً بصيراً. قوله: ﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ ﴾ أي من كان حظه الدنيا، فهو صادق بالكافر والمنافق، ويدخل في ذلك المراؤون بأعمالهم، إذ لولا المدحة والثناء عليهم ما فعلوا الطاعات. قوله: ﴿ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ﴾ أي أعطينا لمن نريد في الدنيا الذي نشاؤه، من سعة رزق وعافية وغير ذلك، والمعنى لا نزيده على ما قدر له أزلاً، بل ما يعطى إلا ما سبق في عمله تعالى أنه يعطاه، فمحبته في الدنيا لم تزده شيئاً منها، فينبغي الإخلاص في العبادة والتوجه لله تعالى والإقبال عليه، ليخطى بسعادة الدارين. قوله: (بدل من له) أي إن قوله: ﴿ لِمَن نُّرِيدُ ﴾ بدل من قوله: ﴿ لَهُ ﴾ بدل بعض من كل بإعادة اللام، وقوله: ﴿ عَجَّلْنَا ﴾ جواب الشرط وهو ﴿ مَّن ﴾ و ﴿ كَانَ ﴾ فعله و ﴿ يُرِيدُ ﴾ خبر ﴿ كَانَ ﴾ واسمها ضمير مستتر. قوله: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَا ﴾ أتى بثم إشارة إلى أن دخول النار متأخر. قوله: (ملوماً) أي أن الخلق في القيامة يلومونه على ما حصل منه في الدنيا. قوله: ﴿ مَّدْحُوراً ﴾ من دحر يدحر من باب خضع، فهو مدحور، بمعنى أن الله طرده وأبعده عن جنته.