قوله: ﴿ ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ ﴾ أي ما تقدم من المأمورات والمنهيات بعض ما أوحى إليك. قوله: ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ ﴾ ختم به الأحكام كما ابتدأها، إشارة إلى أن التوحيد مبدأ الأمور ومنتهاها، وهو رأس الأشياء وأساسها، والأعمال بدونه باطلة لا تفيد شيئاً. قوله: ﴿ أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم ﴾ لما أمر بالتوحيد ونهى عن الاشراك، اتبعه بذكر التقبيح والتشنيع على من ينسب له الولد، خصوصاً اخس الأولاد في زعمهم وهي البنات، فالاستفهام للتوبيخ والتقريع. قوله: (أخلصكم) بيان لمعنى الصفاء اللغوي، يقال: صفاه بمعنى خلصه، والمعنى اخصكم ربكم بالبنين الذين تدعون انهم اشرف الأولاد، وجعل لنفسه البنات اللاتي تدعون خستها عن الذكور، إن هذا الرأي شنيع من وجوه: اولها نسبة الولد من حيث هو لله، ثانيها نسبة الخسيس له، ثالثها الحكم على الملائكة الكرام بالأنوثة، مع أنهم عباد مكرمون، لا يوصفون بذكورة ولا بأنوثة، وكل ذلك موجب للخلود في النار. قوله: (بنات لنفسه) في بعض النسخ بإسقاط ألف بعد التاء وهي الصحيحة، لأن من المعلوم أن بنات جمع مؤنث سالم ينصب بالكسرة، وفي بعض النسخ بثبوتها. ولعلها من سهو الناسخ، أو مخرجة على لغة قليلة تنصبه بالفتحة. قوله: ﴿ قَوْلاً عَظِيماً ﴾ أي كبيراً لأن نسبة الولد إليه تستلزم حدوثه، وهو محال في حقه تعالى. قوله: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا ﴾ أي أظهرنا ووضحنا. قوله: (من الأمثال) الخ، بيان للمفعول، و ﴿ مِنَ ﴾ زائدة، والمعنى بينا في هذا القرآن الأمثال والوعد والوعيد. قوله: ﴿ إِلاَّ نُفُوراً ﴾ أي إعراضاً واستكباراً عن الهدى، قال البوصيري: عجباً للكفار زادوا ضلالاً   بالذي فيه للعقول ابتداءقوله: ﴿ قُلْ ﴾ (لهم) أي في الاستدلال على إبطال التعدد، وإثبات الوحدانية له تعالى. قوله: وَ ﴿ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ ﴾ هذا إشارة إلى قياس استثنائي، يستثنى فيه نقيض التالي لينتج نقيض المقدم، وقد حذف منه الاستثنائية والنتيجة والأصل، لكنهم لم يطلبوا طريقاً لقتاله، فلم يكن معه آلهة، والمعنى لو فرض أن له شريكاً في الملك، لنازعه وقاتله واستعلى عليه، لكنه لم يوجد من هو بهذه المثابة، فبطل التعدد، وثبتت الوحدانية والكبرياء له سبحانه وتعالى. قوله: (ليقاتلوه) أي على عادة ملوك الدنيا عند تعددهم.


الصفحة التالية
Icon